منذ ساعات ذكر المسؤولون الليبيون أن قارب المهاجرين الذي غرق قبالة شاطئ طبرق تم العثور عليه وبه 15 جثة من الذين غرقوا فيه، حيث تم انتشال 13 مصريًا، بينما تم إنقاذ ناجين، مما يُعَد من أكثر الحوادث المأساوية في موجة الهجرة غير الشرعية الحالية.
الحادث يعكس بألم مأساة الأفراد والعائلات، وتجدد الأسئلة حول الإجراءات المصرية في منع خروج مواطنيها عبر طرق غير منظمة وخطرة.
بحسب وكالة الأنباء "أسوشيتد برس" نقلاً عن المتحدث باسم خفر السواحل الليبي في طبرق، فإن القارب غرِق الساعة الثانية صباح الجمعة الماضية بالقرب من طبرق، وراح ضحية الحادث الـ13 مصريًاتقريبًا، بينما نجا عدد قليل، بينهم اثنان سودانيين تم إنقاذهم.
لماذا يسلك المصريون طريق ليبيا؟
أ. الفرص البديلة غائبة إلى حد التضحية
رغم الحملات الأمنية على الحدود والتعاون مع السلطات الليبية، فإن الفرص القليلة في الداخل ومستوى البطالة المرتفع يدفعان البعض للخروج بكل ثمن. سياسة الأمن فقط دون علاج الجذور الاقتصادية تتسبب في زيادة محاولات الهجرة رغم الخطر.
ب. قنوات الهجرة النظامية شبه مفقودة
غياب منظومة قانونية واضحة للهجرة، بما فيها القوانين والإجراءات المتاحة للراغبين في السفر للخارج، يجعل الطريق غير الشرعي هو الملاذ الوحيد. كما أن الأطر الدينية أو العمل البديل منخفض الأجور تُحوّل الطريق عبر ليبيا خيارًا، رغم الحوادث المتكررة.
ج. البيانات الرسمية غير متوفّرة
الدولة لا تعلن أرقام دقيقة عن عدد المصريين الذين لقوا حتفهم سواء على الطرق أو البحر. النقص في الإحصاء الرسمي يقلل من الضغط السياسي للمساءلة والتغيير.
حصيلة ضحايا الهجرة من المتوسط منذ 2024 وحتى الآن
أ. عام 2024
تعتبر حادثة أكتوبر 2024، حين غرق قارب يقل 13 مصريًا قرب طبرق، وأسفر عنها مقتل 12 منهم** (ناجي واحد)، وهو حادث موثق يسلط الضوء على دور مافيا التهريب وضغوط الهجرة.
التقرير السنوي للأمم المتحدة يشير إلى أن أكثر من 2,200 شخص لقوا حتفهم أو اختفوا أثناء عبور البحر المتوسط عام 2024، ومعظمهم عبر طريق ليبيا المتوسطية.
ب. في النصف الأول من 2025 وحتى نهاية يوليو
في أبريل 2025، غرق قارب قرب سرت ما أدى إلى وفاة 5 من المصريين ضمن حوالي 11 قتيل.
في 29 يوليو 2025، وقع حادث بالغ قرب طبرق أدى إلى وفاة 18 مهاجرًا مصريًا وضياع 50 آخرين ولم يُحدد عدد الناجين بعد. أحد دبلوماسيي القنصلية المصرية في بنغازي أشار إلى أن 10 جثث تم تحديدها وإرسالها إلى مصر بينما الناجون تحت الاحتجاز.
المنظمة الدولية للهجرة (IOM) أبلغت بأنه تم تسجيل ما لا يقل عن 434 وفاة و611 مفقودًا* قبالة السواحل الليبية خلال الثمانية أشهر الماضية حتى يوليو 2025
أبعاد كارثية: فشل الدولة في التعامل الأمني والإنساني
الحكومة سلّمت الإدارة الأمنية للمناطق الحدودية إلى تعاون جزئي مع ليبيا، ما حول مصر إلى دولة ترحيل وتعقب للعائدين عبر ليبيا بدل توفير بدائل مستقرة وآمنة.
الميديا المصرية الرسمية غالبًا ما تصوّر الهجرة كجريمة أو سوء تصرف فردي، متجاهلة أبعاد الفقر والبحث عن فرص، مما يسهم في تحييد المسؤولية الجماعية والدولة.
وفي حين تزداد أعداد المفقودين، لا توجد خطة وطنية واضحة لإعادة توطين المصريين العائدين أو دعم أسرهم قانونيًا أو ماليًا. آليات الحماية الاجتماعية لا تغطي المنتقلين المستقبلیين ولا توفر بدائل مهنية.
. شهادات حية من الجهات الإنسانية**
جمع فريق حقوقي من "Al Abireen" ببعض الشهادات:
نقص الدعم من الأمم المتحدة والمنظمات الكبرى مما يترك مهمة الإنقاذ والتوثيق لفرق محلية محدودة الموارد
أسر الناجين غالبًا لا تحصل على بيانات دقيقة عن ذويها بسبب الرقابة العسكرية في ليبيا.
وتعتبرمأساة غرق 13 مصريًا هذا الأسبوع، ضمن أكثر من 30 مصريًا فقدوا حياتهم خلال 2025 وحده، ليست مجرد إحصائية جنحت مألوفة. إنها إنذار بأن السياسات القائمة عاجزة عن مواجهة هجرة بالجملة عبر طرق غير شرعية.
الفشل الأمني لا يُنصف الدولة، والفشل الاجتماعي لا يُقدّم الأمل، إن لم تُدرك الحكومة ذلك، فإن المأساة ستتكرر، وستبقى الحرائر تطفو على البحر بحثًا عن فرصة الحياة.