وثق تحقيق صحفي موسع شهادات صادمة أدلى بها عدد من المشاركين في "قافلة الصمود"، التي كانت تهدف للوصول إلى معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة، تعبيراً عن التضامن الدولي مع الفلسطينيين المحاصرين.
إلا أن مسار القافلة لم يكتمل، بعدما واجه المشاركون سلسلة من الانتهاكات الجسيمة على الأراضي المصرية والليبية، من قمعٍ وعنف وترحيل قسري، ما ألقى بظلاله على صورة التعامل الرسمي مع المبادرات المدنية والإنسانية في العالم العربي.
اعتداءات وانتهاكات في الإسماعيلية
في شهاداتهم، أكد المشاركون أن قوات الأمن المصرية، وبمشاركة ما وُصف بـ"البلطجية"، قامت بالاعتداء الجسدي والنفسي على النشطاء أثناء اقترابهم من محافظة الإسماعيلية، وهي أولى محطات القافلة باتجاه معبر رفح.
وأظهرت مقاطع مصورة انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي لحظات صادمة من الاعتداء، إذ جرى سحل بعض النشطاء ومصادرة جوازات سفرهم بالقوة، ثم إجبارهم على الصعود إلى حافلات وإبعادهم عن المنطقة بالقوة.
وأدى هذا الهجوم إلى إصابة عدد من المشاركين، من بينهم النائب في البرلمان التركي فاروق دينيتش، الذي أكد في شهادته تعرضه لمعاملة "مهينة وغير إنسانية" على يد السلطات المصرية.
توقيف لسبع ساعات وترحيل قسري
بحسب أحد منظمي القافلة، فإن المشاركين تم توقيفهم لساعات طويلة دون مبرر قانوني، وتعرضوا خلالها للترويع والتخويف، قبل أن يتم تفريقهم بالقوة.
وأوضح سيف أبو كشك، أحد المنسقين الرئيسيين لـ"المسيرة العالمية إلى غزة"، أن القافلة التي كانت تضم شخصيات سياسية وبرلمانية وناشطين من جنسيات مختلفة، بينها حفيد الزعيم الإفريقي الراحل نيلسون مانديلا، جرى تشويه هدفها عبر حملة من الشائعات في الإعلام المصري ومواقع التواصل الاجتماعي.
وأضاف أبو كشك: "نرى إشاعات مضللة تروج أننا جئنا لإثارة الفوضى، لكن هدفنا كان إنسانيًا بحتًا، وذهابنا إلى غزة كان رسالة تضامن مع شعب محاصر منذ سنوات".
تفاصيل خطة التحرك.. ومسار لم يكتمل
كانت القافلة قد انطلقت من القاهرة، وكان من المقرر أن تتوجه بالحافلات إلى مدينة العريش في شمال سيناء، ثم يقطع النشطاء مشيًا نحو 50 كيلومترًا للوصول إلى الجانب المصري من معبر رفح، غير أن السلطات المصرية اعترضت القافلة مبكرًا، وأحبطت تحركها قبل الوصول إلى وجهتها.
امتداد القمع إلى الأراضي الليبية
لم يقتصر التضييق على الجانب المصري. في الجارة ليبيا، أفاد منظمو القافلة بأن المجموعة المغاربية، والتي ضمت نحو ألف مشارك من تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، قد مُنعت من العبور عند مدخل مدينة سرت.
وتخضع المدينة لسيطرة قوات المشير خليفة حفتر المدعوم من دولة الإمارات الداعمة بقوة للاحتلال الاسرائيلي، ما يسلّط الضوء على تنسيق سياسي وأمني بين عدة أطراف إقليمية لإفشال مسيرة كانت ستجذب أنظار العالم إلى معاناة الفلسطينيين في غزة.
ردود فعل وانتقادات دولية
توالت ردود الفعل الغاضبة من المنظمات الحقوقية والبرلمانيين المشاركين في القافلة، والذين دعوا إلى فتح تحقيق دولي في الانتهاكات التي تعرضوا لها، خاصة الاعتداء على حرية الحركة والتعبير، واللجوء إلى العنف ضد نشطاء سلميين.
ورأى مراقبون أن ما جرى يعكس أزمة أعمق في التعامل العربي الرسمي مع المبادرات الشعبية التي تكسر الحصار الإعلامي والسياسي عن معاناة الشعب الفلسطيني، وتحمل رسالة تضامن من الشعوب لا تمر عبر القنوات الرسمية.
الفيديو:
https://www.youtube.com/watch?v=Rl04AlSrYTE