كشفت تقارير استخباراتية أميركية أولية عن نتائج محدودة للضربات العسكرية الأميركية التي استهدفت منشآت نووية الأسبوع الحالي، مشيرة إلى أن هذه العمليات لم تنجح في تدمير المكونات الحيوية للبرنامج النووي الإيراني، وإنما عرقلته لفترة لا تتجاوز عدة أشهر، وسط جدل داخلي محتدم بين دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة.
ونقلت شبكة "سي.أن.أن" عن ثلاثة مصادر مطلعة أن التقييم الأولي الذي أعدته وكالة استخبارات الدفاع، استناداً إلى معلومات القيادة المركزية الأميركية، أظهر أن الضربات الجوية التي نُفذت فجر الأحد الماضي، رغم كثافتها، لم تؤدِ إلى القضاء الكامل على قدرات إيران النووية.
وأوضحت المصادر أن أكثر من 12 قنبلة أُسقطت على منشأتين رئيسيتين، هما "فوردو" و"نطنز"، إلا أن أجهزة الطرد المركزي ومخزون اليورانيوم عالي التخصيب ظلت على الأرجح دون دمار شامل.
التقييم الذي تناقلته أيضاً صحيفتا "نيويورك تايمز" و"رويترز"، خلص إلى أن البرنامج النووي الإيراني تأخر بفعل هذه الهجمات لمدة تتراوح ما بين شهرين إلى ستة أشهر فقط.
وأكدت ثلاثة مصادر لوكالة "رويترز" أن الأضرار لم تكن بالغة كما روّجت الإدارة الأميركية، ما أشعل خلافات داخل أجهزة الاستخبارات حول مدى فعالية العملية العسكرية.
ومع تصاعد الجدل، نفت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، صحة هذه التقديرات، ووصفتها بأنها "خاطئة تماماً" وغير دقيقة، قائلة في منشور على منصة "إكس" (تويتر سابقاً): "الجميع يعلم ما الذي يحدث عندما تسقط 12 قنبلة زنة كل منها 30 ألف رطل بدقة على أهدافها: إنه تدمير كامل". كما نددت بتسريب معلومات قالت إنها مصنفة "سرية للغاية" إلى الإعلام.
لكن مسؤولاً أميركياً مطلعاً على التقييم، صرح لـ"رويترز" أن التقديرات ما زالت أولية وتخضع لمراجعات موسعة قد تستغرق أياماً أو أسابيع. ولفت إلى أن تحليل الأضرار في منشآت مثل "فوردو"، المدفونة عميقاً تحت الأرض، يتطلب بيانات أكثر دقة من مجرد صور الأقمار الصناعية.
وذكرت مصادر استخباراتية أن عملية التقييم الجارية تشهد انقساماً داخلياً حاداً، إذ إن وكالة استخبارات الدفاع ليست الجهة الوحيدة المعنية بالتحليل، وهناك تباين ملحوظ بين تقييمات الأجهزة المختلفة، في وقت تتوالى فيه المعطيات من الميدان.
في المقابل، قللت طهران من تأثير الضربات. وقالت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية إن المنشآت المستهدفة في "نطنز" و"فوردو" و"أصفهان" تعرّضت لعدوان "همجي وغير قانوني"، لكنها أكدت أنه لم يُسجل أي تسرب نووي. ونقل مسؤول محلي في محافظة قم أن الأضرار محدودة وأن الوضع "تحت السيطرة"، نافياً وجود أي خطر بيئي أو إشعاعي.
ووسط التصريحات المتضاربة، اختار الرئيس الأميركي المثير للجدل، دونالد ترامب، الذي يقود حالياً الخطاب السياسي في البلاد، توجيه الشكر للجيش الأميركي عبر منصته "تروث سوشال"، واصفاً الضربات بأنها "قوية ودقيقة"، ومؤكداً أن منشآت التخصيب الإيرانية "دُمرت بالكامل". كما أعلن عودة طائرات B2 إلى قواعدها في ميزوري، مشيداً بـ"شجاعة وكفاءة الطيارين".
وفي تحول مفاجئ، أعلن ترامب لاحقاً أن كلاً من إيران وإسرائيل توصّلتا إلى اتفاق "وقف تام لإطلاق النار"، واضعاً بذلك نهاية لما وصفه بـ"حرب الـ12 يوماً"، التي قال إنها كانت قادرة على تدمير منطقة الشرق الأوسط بالكامل، لكنها انتهت بفضل "الصبر والشجاعة والذكاء"، بحسب تعبيره. وأضاف أن الطرفين سيلتزمان بالسلوك "السلمي والمحترم"، مهنئاً إسرائيل وإيران والعالم أجمع.