نشرت واشنطن بوست مقالًا ناقشت فيه التدخل الأمريكي في الحرب بين إسرائيل وإيران، محذّرَين من أن الرئيس دونالد ترامب يسير نحو تكرار أخطاء جورج بوش في العراق.
خلال حملاته السابقة، انتقد ترامب الحروب الأمريكية بعد 11 سبتمبر ووصَفها بـ"الكارثية". وحتى في حملة 2024، شدد على منع اندلاع حرب عالمية ثالثة. لكن قراره الأخير بالدخول في الصراع الإسرائيلي الإيراني ينسف هذا المسار، ويخاطر بجرّ الولايات المتحدة إلى مستنقع جديد يتناقض مع تطلعات الناخبين الذين صوتوا له من أجل إصلاح الداخل وليس خوض مغامرات خارجية.
رغم الانقسام السياسي بين الكاتبين، إلا أنهما عبّرا عن موقف موحد ضد الحرب. انضم لهذا الموقف تحالف غير متوقع يضم تقدميين مثل ساندرز وألكساندريا أوكاسيو-كورتيز، إلى جانب شخصيات مؤثرة في التيار المحافظ مثل جوش هاولي، ومارجوري تايلور جرين، وتاكر كارلسون، وستيف بانون. ازدادت أصوات هؤلاء في مواجهة تيار المحافظين الداعين للتصعيد العسكري.
أظهر استطلاع أجرته يوجوف أن 60٪ من الأمريكيين يعارضون تدخل بلادهم عسكريًا، مقابل 16٪ فقط يؤيدونه. رفض الأغلبية في الحزبين الديمقراطي والجمهوري يشير إلى رغبة عامة في تجنّب حرب جديدة. وأكد استطلاع بروكينحز أن الأمريكيين يفضلون الحلول الدبلوماسية لضبط البرنامج النووي الإيراني بدلًا من التصعيد العسكري.
يحذّر الكاتبان من أن الاعتماد على ضربة واحدة سريعة يشبه التطمينات التي سبقت غزو العراق في 2003، والتي وصفته بعض الأصوات بـ"نزهة عسكرية". لكن الواقع أثبت عكس ذلك، حيث انجرت الولايات المتحدة إلى حرب طويلة ومعقدة. يُظهر التاريخ أن الضربات الجوية وحدها لا تحسم المعركة، ولا يمكن التأكد من نتائجها دون وجود مفتشين ميدانيين.
يُحتمل أن يدفع الرد الإيراني، حتى إن جاء محدودًا، نحو التصعيد. قد تُغلق إيران مضيق هرمز، الذي تمر عبره 20٪ من تجارة النفط العالمية، أو تستهدف قواعد أمريكية في المنطقة بصواريخ متوسطة وقصيرة المدى. أي هجوم على القوات الأمريكية سيدفع واشنطن للرد، ما يفتح الباب أمام حرب شاملة جديدة في الشرق الأوسط.
يرى الكاتبان أن هذا السيناريو يقوّض الاستراتيجية الأمريكية المعتمدة منذ عهد أوباما، والتي تهدف إلى تقليص الانخراط في الشرق الأوسط والتركيز على المحيط الهادئ. كما يدفع بجيل جديد من الجنود الأمريكيين نحو نزاع غير ضروري.
ترتبط الخطط الإسرائيلية، وفق بعض الإشارات، بهدف إسقاط النظام الإيراني. لكن إيران، الدولة التي تضم نحو 90 مليون نسمة وتنوعًا عرقيًا معقدًا، قد تشهد حالة من الفوضى بعد انهيار النظام، تشبه ما حدث في العراق بعد سقوط صدام حسين. من الممكن أن يؤدي ذلك إلى صراعات انفصالية وظهور تنظيمات مسلحة في كردستان وأذربيجان وبلوشستان.
في هذه الحالة، قد يُطلب من القوات الأمريكية البقاء سنوات أو حتى عقود، لحماية "دولة مصغّرة" تتمركز حول طهران، ما يزيد كلفة الحرب بشريًا وسياسيًا. يشير الكاتبان إلى أن انسحاب واشنطن من الخيار الدبلوماسي عام 2003 أدى إلى معاناة الملايين، ويجب ألا تكرر الإدارة الحالية الخطأ ذاته.
بعد قصف المنشآت النووية، يجب أن يدعو ترامب إسرائيل إلى وقف هجماتها والعودة إلى طاولة المفاوضات. الاتفاقات التي تقيّد البرنامج النووي الإيراني وتخضعه للرقابة الصارمة تبقى السبيل الأفضل لمنع حصول طهران على سلاح نووي.
يؤكد الكاتبان أن الأصوات الرافضة للحرب اليوم أقوى مما كانت عليه في 2003، لكنها بحاجة إلى التكاتف لوقف اندفاع آلة الحرب. فبدون ضغط شعبي موحّد، قد يجد الأمريكيون أنفسهم مجددًا وسط حرب لا يريدونها.
https://www.washingtonpost.com/opinions/2025/06/22/iran-war-opposition-trump/