طرحت ميدل إيست مونيتور مقالاً للكاتب عدنان حمدان بعنوان "هل تدعم فلسطين عندما تقاوم أم فقط عندما تنزف؟"، تناول فيه الفجوة بين تضامن الشارع الأوروبي الواسع مع فلسطين، وتخاذل بعض الحكومات الأوروبية في مواجهة العدوان الإسرائيلي على غزة، رغم تصاعد المجازر والتطهير العرقي والعقاب الجماعي.

شهدت أوروبا منذ بداية الإبادة في غزة موجة جماهيرية حقيقية، تجاوزت التضامن الرمزي ورفعت العلم الفلسطيني وسط مطالبات سياسية واضحة بتحقيق العدالة وإنهاء الاحتلال. وعبّر هذا الزخم الشعبي عن إيمان متجذر بحق الفلسطينيين في المقاومة، لا فقط في الحداد على شهدائهم.

رغم ذلك، أرسلت بعض الحكومات الأوروبية إشارات سياسية خجولة، كاستدعاء سفراء أو إطلاق إدانات لفظية، في الوقت الذي واصلت فيه دعمها العسكري والسياسي لإسرائيل، مما دفع الكاتب لطرح سؤال جوهري: هل يقتصر دعمنا لفلسطين على لحظات الضعف، أم يشمل أيضا دعمها عندما تقاتل من أجل وجودها؟

أبرز الكاتب نموذجاً من أمريكا اللاتينية يعكس تداخلاً بين الوعي الشعبي والمواقف السياسية، عبر صوت الصحفي البرازيلي البارز فابيو بوسكو، الذي تحدث خلال ندوة نظمها منتدى فلسطين للإعلام، قائلاً: "ما يحدث في فلسطين اليوم جرح مفتوح في ضمير العالم".

أشاد بوسكو بوصف الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا للعدوان بأنه "إبادة جماعية"، لكنه انتقد في المقابل تناقضه في وصف عمليات المقاومة الفلسطينية بـ"الهجمات الإرهابية"، متسائلاً: "هل يُقبل الفلسطيني فقط عندما يكون أعزل؟ هل يُدان إذا دافع عن نفسه وأرضه؟".

أكّد بوسكو أن مقاومة الاحتلال شرط أساسي لبقاء فلسطين، وأن التضامن الذي ينكر على الفلسطينيين حقهم في الدفاع عن أنفسهم لا يحمل أي معنى.

وأشار إلى حادثة رفض دخول عائلة فلسطينية إلى البرازيل رغم حيازتها تأشيرات رسمية، بسبب ورود أسمائهم على قائمة أمريكية تزعم صلات بحماس، دون تدخل حكومي. رأى بوسكو في هذا الموقف انعكاساً للفجوة بين الخطاب الإنساني والممارسة السياسية، التي تواسي الضحية وتدينها إذا قاومت.

تجاوزت الأزمة حدود القيادة السياسية، إذ حظرت مدينة ساو باولو تنظيم فعاليات تضامنية مع فلسطين بذريعة "منع خطاب الكراهية" والحفاظ على "الحياد"، لكن في ظل المجازر اليومية، يصبح الحياد تواطؤاً، بحسب تعبير المقال.

سمحت السلطات بالتعاطف مع فلسطين شريطة ألا يتحول إلى موقف سياسي أو مطلب عدالة، وهو ما عدّه الكاتب انعكاساً لأزمة أخلاقية عميقة حتى لدى من يظهر دعماً إنسانياً ظاهرياً.

أوضح حمدان أن مواقف كثير من القوى الغربية تتجاوز الصمت، لتصبح تواطؤاً مادياً واستراتيجياً، إذ تُرسل المساعدات الغذائية لغزة من جهة، وتُزوّد آلة الحرب الإسرائيلية بالقنابل من جهة أخرى.

وصف أحد النشطاء البريطانيين هذه المفارقة بسخرية لاذعة: "دعوا الفلسطينيين يأكلون قليلاً… ثم اقتلوهم".

أمام هذه التناقضات، رأى الكاتب في صوت فابيو بوسكو ضرورة أخلاقية، لأنه لا ينطلق من مركز نفوذ غربي تقليدي، بل من سياق ثقافي مختلف، يسلّط الضوء على أزمة الضمير العالمي.

في ظل طغيان الحسابات السياسية على المبادئ، دعا المقال إلى العودة إلى البوصلة الأصلية: من يؤمن بحق فلسطين لا يكتفِ بالتعاطف عند النزيف، بل يؤيد مقاومتها للظلم والاحتلال، وهو حق يكفله القانون الدولي وكل معايير الكرامة الإنسانية.

https://www.middleeastmonitor.com/20250527-do-you-support-palestine-when-it-fights-or-only-when-it-bleeds/