دفعت إسرائيل خلال الساعات الماضية بكامل ألويتها النظامية من المشاة والمدرعات إلى داخل القطاع، في خطوة تُعدّ الأخطر ضمن العملية العسكرية المستمرة منذ 7 أكتوبر 2023، والتي باتت تعرف بـ"عربات جدعون".
خطوة تعكس تحوّلًا في استراتيجيات الاحتلال وتؤشر إلى نوايا بمواصلة الحرب لأشهر، وسط اتهامات دولية متزايدة بارتكاب جرائم إبادة وتهجير قسري.
وبحسب هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، استكمل الجيش الإسرائيلي خلال الـ24 ساعة الماضية إدخال تسعة ألوية نظامية إلى غزة، تضم وحدات مشاة ومدرعات، لتلتحق بوحدات عسكرية كانت قد سبقتها إلى ساحة العمليات، بينها الفرق 98 و162 و252 و143 و36، ما يرفع حجم القوات النظامية العاملة داخل القطاع إلى أعلى مستوى منذ اندلاع العدوان.
عربات جدعون.. المرحلة المكثفة تبدأ
الخطوة الجديدة تأتي ضمن المرحلة التالية من عملية "عربات جدعون"، التي صادق عليها المجلس الوزاري المصغر (الكابينيت) في 4 مايو الجاري، وبدأ تنفيذها فعليًا في 18 من الشهر ذاته، عبر هجمات برية متعددة المحاور، شملت مناطق في شمال غزة وخان يونس جنوبًا.
ووفق مصادر عسكرية إسرائيلية، فإن "المرحلة المكثفة" من العملية تشمل إدخال آلاف الجنود الإضافيين، وتوسيع مساحة الاشتباك البري، مع استمرار التغطية الجوية المكثفة لتأمين التقدم البطيء للقوات، تماشيًا مع تعليمات رئيس الأركان الجديد إيال زامير، الذي شدد على "تقليل الخسائر البشرية على حساب سرعة التوغل".
نزوح تحت النار.. لا مفر من الموت
في موازاة التوسع العسكري الإسرائيلي، تتواصل موجات النزوح الجماعي في أنحاء غزة.
وأعلنت منظمة الهجرة الدولية أن أكثر من 172 ألف فلسطيني فرّوا من منازلهم خلال أسبوع واحد فقط، بسبب القصف الكثيف والانهيار الكامل في الأوضاع الإنسانية.
لكن الشهادات من الميدان ترسم صورة أكثر قتامة، حيث لا ينجو النازحون من الموت، إذ استُهدفت تجمعات وقوافل النازحين عدة مرات خلال الأيام الأخيرة، في مشاهد تكررت منذ بداية الحرب، ما أدى إلى سقوط عشرات الشهداء، بينهم نساء وأطفال، وفق روايات موثقة.
20 شهرًا من الجحيم.. غزة تنزف بلا توقف
منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023، لا تزال غزة تتعرض لما وصفه مراقبون ومؤسسات حقوقية بأنه "العدوان الأشد والأكثر تدميرًا في تاريخ الصراع".
ووفق آخر التقديرات، تجاوز عدد الشهداء والجرحى الفلسطينيين حاجز 176 ألفًا، غالبيتهم من النساء والأطفال، فيما لا يزال أكثر من 11 ألف شخص مفقودين تحت الأنقاض، وسط عجز كامل في عمليات الإنقاذ ونقص حاد في الإمدادات الطبية والغذائية.
الحصار الإسرائيلي الكامل المفروض على القطاع، وتدمير البنية التحتية، بما فيها المستشفيات ومحطات المياه، فاقم من الكارثة الإنسانية، وسط تحذيرات من انهيار تام للحياة المدنية في غزة.
جرائم إبادة ودعم غير مشروط
مع دخول الحرب شهرها العشرين، تواجه إسرائيل اتهامات متصاعدة بارتكاب جرائم إبادة جماعية وعمليات تهجير قسري ممنهج، وجهتها منظمات دولية، بينها هيومن رايتس ووتش وأطباء بلا حدود، كما تنظر محكمة العدل الدولية في شكاوى رسمية ضد تل أبيب، بعضها مدعوم من دول في الجنوب العالمي.
ورغم فداحة الكارثة، تواصل إسرائيل عمليتها العسكرية بدعم سياسي وعسكري غير مشروط من الولايات المتحدة، التي عرقلت في أكثر من مناسبة صدور قرارات أممية تدعو لوقف إطلاق النار أو إيصال المساعدات الإنسانية.