أكد الكاتب معتصم الدلول، في مقال له عبر ميدل إيست مونيتور، ان رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قرر بعد ثمانين يوماً من الحصار الكامل على غزة وسط تحذيرات دولية من مجاعة وشيكة وانهيار صحي، السماح بدخول مساعدات إنسانية تشمل الغذاء والدواء. هذا القرار أثار غضب وزراء متطرفين في حكومته مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، حيث عبّر بن غفير عن رفضه القاطع لأي مساعدة، داعياً إلى قصف مستودعات الغذاء المتبقية في القطاع، ووصف السماح بإدخال المساعدات بأنه "خطأ جسيم يؤخر النصر".
سموتريتش بدوره أصرّ على أن الهدف يجب أن يكون "تطهير غزة عرقياً" عبر القتل أو التهجير القسري. وادعى أن حماس تستولي على المساعدات وتستخدمها لدعم سلطتها، وكشف عن خطة بديلة لإدخال مساعدات محدودة عبر شركات مدنية لتجنب اتهامات دولية. بحسب تصريحه، يحصل المدنيون في غزة على رغيف خبز وصحن طعام لا أكثر، بهدف كسب دعم المجتمع الدولي ومواصلة العمليات العسكرية حتى "تحقيق النصر".
اعترف نتنياهو في خطاب متلفز بأن القرار جاء تحت ضغط من أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي، وقال إن "علينا تفادي المجاعة لأسباب عملية ودبلوماسية". وكرر هدف العملية البرية الموسعة المسماة "مركبات جدعون"، والمتمثل في السيطرة الكاملة على غزة، ما يعني تطهيراً ممنهجاً ودفع السكان نحو الخروج.
وفيما ينشغل العالم بنقاشات حول طبيعة وكمية المساعدات وآليات توزيعها، تواصل قوات الاحتلال مجازرها في غزة، حيث أضافت خمسة ألوية عسكرية وقتلت أكثر من 500 فلسطيني خلال ثلاثة أيام، وأصابت أكثر من 1000، واستهدفت أربعة مستشفيات، وأخرجت ثلاثة منها عن الخدمة، ودمرت منازل ومدارس ومرافق صحية في رفح وخان يونس وغزة وبيت لاهيا وبيت حانون وجباليا.
في الوقت نفسه، نشرت قوات الاحتلال مقاطع لمساعدات في طريقها لغزة، بينما نفت مصادر حكومية ومسؤولون أمميون ومنظمات إغاثة وصول أي مساعدات. ورحّب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بالإعلان الإسرائيلي لكنه وصفه بأنه "قطرة في محيط" بالنسبة لـ2.4 مليون فلسطيني في القطاع المحاصر.
وفي خلفية كل ذلك، يواصل نتنياهو تضليل العالم بخصوص مفاوضات الدوحة. بينما يعلق كثيرون آمالهم على وقف دائم للعدوان، يتعمد نتنياهو عدم منح فريقه صلاحيات حقيقية، ثم يتهم حماس بالتعنت. وكشفت الحركة أن المفاوضات توقفت فعلياً منذ السبت، وأن الفريق الإسرائيلي يماطل لكسب الوقت ولتخفيف الضغوط الدولية.
نتنياهو يكرر خطاب "محاربة الإرهاب" للحصول على دعم الغرب، بينما يؤكد قادة عسكريون وسياسيون إسرائيليون أن ما يحدث هو حرب على المدنيين لخدمة مصالح نتنياهو الشخصية. الجنرال المتقاعد يائير جولان اتهم الجيش بقتل الأطفال في غزة كنوع من "الهواية"، وقال إن هذه الحرب هدفها إبقاء نتنياهو في الحكم عبر إرضاء شركائه المتطرفين. وأيّده في ذلك وزير الدفاع السابق موشيه يعالون ورئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت.
ورغم تزايد دعوات القادة الأوروبيين لوقف الحرب، يواصل نتنياهو سياساته، غير آبه حتى بحملات دولية متزايدة على وسائل التواصل تطالب بتدخل عسكري لوقف الإبادة. الكاتب يستبعد حدوث تدخل خارجي، لكنه يتوقع تفكك الكيان الإسرائيلي من الداخل قريباً.
https://www.middleeastmonitor.com/20250522-is-netanyahu-kidding-us/