رجّح معهد تشاتام هاوس أن هدف إسرائيل من السيطرة على قطاع غزة لا يتمثل في تقديم الخدمات، بل في تقييدها، بما في ذلك الغذاء، لدفع السكان نحو "الهجرة الطوعية"، كما يدعو وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش علناً. واعتبر التحليل أن هذه الإجراءات ستفصل غزة عن الضفة الغربية سياسياً وتاريخياً، وتجهض أي أمل في إعادة إطلاق مسار سياسي فلسطيني إسرائيلي.

وضع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عدة أهداف للحرب، من بينها الإفراج عن الرهائن، وتدمير قدرات حماس العسكرية والحكم، وضمان ألا يشكّل القطاع تهديداً لإسرائيل مرة أخرى. كما ربط مؤخراً إنهاء الحرب بتنفيذ خطة ترمب لنقل سكان غزة، واتهم حماس بسرقة المساعدات الغذائية، وهي تهمة نفتها الحركة.

لكن الاحتلال الإسرائيلي الطويل لغزة قد يزيد التوترات الإقليمية والدولية، خصوصاً مع دول كانت تربطها علاقات ودية بإسرائيل مثل مصر والأردن، وسيصعّب على دول عربية أخرى تبرير أي تعامل مع إسرائيل أو السعي للتطبيع.

سعت الولايات المتحدة سابقاً لإقناع السعودية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل اتفاق أمني ثنائي، لكن السعودية نجحت خلال زيارة الرئيس دونالد ترمب للمنطقة في فك هذا الارتباط. كما احتفظت الرياض بمساحة سياسية واسعة للضغط على واشنطن لتتحرك عند الحاجة.

أشارت زيارة ترمب للخليج، والتي استثنت إسرائيل، إلى اتساع الفجوة الشخصية بينه وبين نتنياهو. وجاءت بعد قرارات بإعادة فتح محادثات نووية مع إيران ووقف الهجمات الأمريكية على الحوثيين في اليمن، ما استبعد إسرائيل من أي ضمانات.

وزاد ترمب من الضغط على إسرائيل، قائلاً الأسبوع الماضي علناً إن "الكثير من الناس يتضورون جوعاً" في غزة.

رغم كل هذا الضغط، لم ينعكس على الأرض بشكل فعّال، باستثناء السماح بدخول شحنات مساعدات محدودة إلى القطاع، وصفها مسؤول أممي بأنها "قطرة في محيط" الاحتياجات الطارئة.

في السياق الدولي الأوسع، سيؤدي احتلال غزة عسكرياً إلى عزل إسرائيل بشكل أكبر، حتى من حلفائها الأوروبيين التقليديين. وأعلنت فرنسا والمملكة المتحدة وكندا نيتها اتخاذ خطوات مثل فرض عقوبات محددة إن لم توقف إسرائيل هجومها. كما أوقفت لندن مفاوضات اتفاق تجارة حرة جديد مع تل أبيب، وفرضت عقوبات على عدد من المستوطنين الإسرائيليين. وقررت دول الاتحاد الأوروبي مراجعة اتفاق الشراكة مع إسرائيل. وفي وقت سابق من الشهر، طالبت وزارات خارجية 20 دولة مانحة بالسماح للأمم المتحدة بإيصال المساعدات.

طرح التحليل أن الاعتراف بدولة فلسطين خطوة ملموسة تتجاوز الرسائل السياسية الرمزية. وتدرس فرنسا، التي ستشارك في رئاسة مؤتمر دولي بنيويورك في يونيو مع السعودية، اتخاذ هذا القرار، لتنضم إلى 148 دولة اعترفت بالفعل بفلسطين. وتفيد تقارير بأن بريطانيا تدرس الخيار ذاته.

رأى تشاتام هاوس أن الاعتراف بفلسطين ليس مجرد بيان رمزي، بل خطوة قانونية وسياسية لها تأثير مباشر على قرارات السياسة الخارجية والتجارة واتفاقيات السلاح للدول المعنية. والأهم من ذلك، أنه سينهي قدرة إسرائيل على فرض فيتو على الدولة الفلسطينية.

صوّت الكنيست الإسرائيلي العام الماضي بأغلبية ضد إقامة دولة فلسطينية، بالتزامن مع استمرار الاستيطان، ما يقوّض الأساس القانوني لقيام الدولة الفلسطينية. وفي هذا المنعطف الحرج، قد يؤدي تأجيل إضافي لعام واحد إلى زوال الأرض والشعب معاً، بحيث لا يبقى شيء يمكن الاعتراف به.

https://www.chathamhouse.org/2025/05/gaza-war-hunger-and-politics