في مقالها بصحيفة الجارديان، تطرح الكاتبة أروا مهداوي سؤالاً موجهاً للقراء:

ماذا فعلت أثناء الإبادة الجماعية في غزة؟

وتشير إلى أن الوقت بات متأخراً جداً لأي اعتراض فعّال، لكن مع ذلك بدأ بعض الأصوات في الغرب أخيراً تنتقد ما يحدث، بعد 19 شهراً من الصمت، بينما تحوّلت غزة إلى مقابر جماعية وسط أنقاض مدمرة.

تلفت مهداوي إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة لم تعودا تحاولان إخفاء نيتهما في تفريغ غزة والضفة الغربية من الفلسطينيين.
وفي المملكة المتحدة، استخدمت الحكومة أخيراً كلمة "فظيع" لوصف الوضع، وهددت، إلى جانب فرنسا وكندا، برد "ملموس" إذا استمر القتل والتجويع، دون أن يبدو أن إسرائيل تشعر بأي ضغط فعلي.

شهدت التغطية الإعلامية بعض التغير، إذ بدأ صحفيون بارزون مثل بيرس مورغان بالتشكيك في أسباب منع وسائل الإعلام من دخول غزة.
ومع ذلك، ترى الكاتبة أن هذا التحول بطيء ومتأخر جداً، ولن يعيد الطفلة هند رجب، ذات الخمس سنوات، التي قُتلت داخل سيارة أُطلقت عليها 335 رصاصة، ولن يعيد عمال الإغاثة الذين أُعدموا ودفنوا في قبور سطحية.

تذكر الكاتبة أن إسرائيل لم تكتفِ بهدم المستشفيات ورياض الأطفال والجامعات، بل دمرت أيضاً مراكز أطفال الأنابيب.
وتشير إلى أن الأطفال في غزة باتوا يمثلون النسبة الأعلى من مبتوري الأطراف في العالم، وأن أجيالاً كاملة تعاني من سوء تغذية وحرمان من التعليم.
وترى أن الانتقادات الحالية هدفها التهرب من المسؤولية، كي يتمكن الساسة والإعلاميون لاحقاً من القول إنهم تحدثوا.

وتسأل مهداوي القارئ: ماذا ستقول للأجيال القادمة عندما تسألك عما فعلته وأنت تشاهد إبادة جماعية تُبث مباشرة؟
ماذا ستقول عندما يعرفون أن أطفالاً أُحرقوا أحياءً بقنابل موّلها دافعو الضرائب في الغرب؟
تضيف أن كثيراً من الناس العاديين سيتمكنون من القول إنهم لم يصمتوا، مثل الطالب لوجان روزوس الذي حُجبت شهادته الجامعية بسبب خطابه المناصر لفلسطين، أو طلاب كولومبيا المطرودين من الجامعة، أو الممثلة ميليسا باريرا التي خسرت دورها في فيلم بسبب منشورات داعمة لغزة.

لكن أصحاب السلطة لن يستطيعوا غسل أيديهم من الدماء.
ترى الكاتبة أن العالم قد يحمّل المسؤولية لنتنياهو وحده، لكنها تؤكد أن هذه إبادة جماعية شارك فيها أيضاً بايدن وهاريس، وترامب وفانس، وقيادات كبرى مثل كير ستارمر، وديفيد لامي، والرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت ساتيا ناديلا، إلى جانب الإعلام الغربي.

تشير مهداوي إلى أن تغطية الإعلام الغربي منحازة، فبينما يُضخم أي فعل فلسطيني، تُقلل الجرائم الإسرائيلية أو تُبرر.
وتشير إلى أن كثيرين لا يعرفون شيئاً عن "النكبة"، أو عن تسميم إسرائيل مياه قرى فلسطينية في 1948، أو عن الناشطة الأمريكية راشيل كوري التي سُحقت بجرافة إسرائيلية عام 2003 أثناء محاولتها حماية منزل فلسطيني.

وتؤكد الكاتبة أن هذه الإبادة وقعت بعد عقود من قمع الأصوات الفلسطينية، وأن الإعلام الغربي ساهم في تبريرها عبر تكرار أكاذيب مثل مزاعم "ذبح الرضع" في 7 أكتوبر 2023.
وتشدد على ضرورة توثيق الجرائم، وتقديم أرقام واقعية للضحايا تتضمن من ماتوا بسبب الجوع والمرض.

في الختام، تدعو أروى مهداوي القراء إلى كسر صمتهم، وتقول إن ما يحدث في غزة يختلف عن الكوارث في السودان أو الكونغو، لأن هذه الإبادة تُرتكب باسم الغرب، وبأمواله، وبدعم قادته. وتشير إلى أن ممثلي الشعب في أمريكا وقفوا وصفقوا لمرتكبي الإبادة.
وتختم بقولها إن الصمت ليس حياداً، ولن يُنسى، مستشهدة بكلمات مارتن لوثر كينغ: "في النهاية، لن نتذكر كلمات أعدائنا، بل صمت أصدقائنا."

https://www.theguardian.com/commentisfree/2025/may/22/israel-gaza-genocide