أعلنت الحكومة البريطانية، بحسب صحيفة الإندبندنت، تعليق محادثات التجارة مع حكومة نتنياهو وفرضت عقوبات جديدة بسبب العملية العسكرية "الفاضحة" الهادفة للسيطرة على ما تبقى من غزة.
وجهت أيضاً دول حليفة أخرى تحذيرات لرئيس وزراء الاحتلال الصهيوني بضرورة السماح بإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة.
لكن هذه التحذيرات وحدها لا تكفي، ويجب أن تتبعها أفعال ملموسة.
تفاقمت المأساة الإنسانية في غزة بعد انقطاع شبه تام في إمدادات الغذاء والدواء، فيما يهدد الجوع والأوبئة أرواح المدنيين الأبرياء.
حذّر رئيس الإغاثة في الأمم المتحدة، توم فليتشر، من احتمال وفاة نحو 14 ألف رضيع خلال 48 ساعة إن استمر منع دخول المساعدات.
أشار إلى أن خمس شاحنات فقط وصلت مؤخراً إلى غزة، واصفاً هذا الرقم بـ"القطرة في المحيط".
ومع أنباء عن عبور 100 شاحنة أخرى، يظل العدد غير كافٍ لتجنب الكارثة، إذ يحتاج القطاع آلاف الشاحنات بشكل منتظم.
تحت ضغط الصور المؤلمة لأطفال يتضورون جوعاً، اضطر نتنياهو إلى التراجع جزئياً، ووافق على إدخال بعض المساعدات، لكن لأسباب "دبلوماسية وعملية" فقط، بحسب تعبيره.
أشار إلى أن أعضاء في الكونجرس الأمريكي، المعروفين بولائهم التقليدي لـ"إسرائيل"، أبلغوه بأنهم لا يستطيعون تحمل صور الجوع الجماعي، وهددوا بسحب دعمهم.
تكشف هذه التصريحات عن أمرين:
أولاً، خضوع نتنياهو وزملائه المتشددين للضغط السياسي.
وثانياً، استمرار مركزية الدور الأمريكي في رسم سياسات الاحتلال.
تساءلت الإندبندنت عن طبيعة التفاهمات بين نتنياهو والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، خاصة مع تلاشي القيود التي فرضتها إدارة بايدن، ما يشير إلى تساهل أمريكي غير مسبوق تجاه طموحات “إسرائيل” التوسعية.
وفي ظل تصعيد الاستيطان في الضفة الغربية، تعزز الصحيفة الشكوك بشأن أهداف إسرائيل في غزة، وتربط بينها وبين رغبة ترامب في تحويل القطاع إلى مشروع اقتصادي "ريفييرا غزة"، كما وصفه البعض.
لكن ترامب لم يظهر أي نية للتدخل من أجل إنقاذ أرواح الفلسطينيين.
اتهمت إدارة ترامب حركة حماس بتحمل كامل المسؤولية عن الحرب، وهو موقف تدعمه “إسرائيل”، رغم تجاوز الأخيرة حقها في الدفاع عن النفس، وتحولها إلى طرف متهم بارتكاب جرائم حرب أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وبما أن ترامب غير متحمس لتغيير الوضع، ترى الصحيفة ضرورة تكثيف الضغط من الحلفاء الأوروبيين، عبر إجراءات ملموسة تشمل إدانة واضحة لحكومة نتنياهو، وفرض عقوبات على وزرائها، وتعليق مبيعات السلاح.
طالب نواب من خمسة أحزاب بريطانية وزير الخارجية ديفيد لامي باتخاذ خطوات أقوى، مثل تعليق تصدير الأسلحة لـ"إسرائيل".
وذكّرت الصحيفة بأن صمت الغرب حيال المجازر في غزة لم يعد مقبولاً، داعيةً إلى تحرك دبلوماسي فاعل يركز على إقناع واشنطن بخطورة ما يجري.
أشارت الإندبندنت إلى أن استمرار الحرب يهدد المصالح الأمريكية في الخليج، ويعيق استقرار المنطقة، ويقوّض فرص التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران.
كما نبهت إلى احتمال نزوح آلاف اللاجئين من غزة نحو الغرب، ما يشكل دافعاً إضافياً لإنهاء الحرب.
اقترحت الصحيفة إجراءات إضافية مثل تقليص تدريجي لصادرات الأسلحة إلى “إسرائيل”، وإعادة فتح ملف الاعتراف بدولة فلسطين، ووضع حل الدولتين مجدداً على الطاولة، بالإضافة إلى فرض ضغوط اقتصادية على حكومة نتنياهو دون المساس بحق “إسرائيل” في الوجود.
أخيراً، رأت الإندبندنت أن حرب نتنياهو على غزة لم تحقق أهدافها: لم تُحرر رهائن، ولم تُنهِ وجود حماس، ولم تُقلل من التهديدات. بل تركت الإسرائيليين في وضع أمني أسوأ مما كانوا عليه قبل هجوم 7 أكتوبر.
وهذا، برأي الصحيفة، يمثل أقسى إدانة ممكنة لسياسات نتنياهو.