عبر محللون وباحثون عن ارتياحهم الكبير والأمل المعقود على رفع العقوبات عن سوريا بعد نحو 40 عامًا من فرضها على البلد الشقيق وأن هذا الرفع جاء في أعقاب التخلص من حقبة الديكتاتورية والاستبداد، وأعلن الرئيس الأمريكي من الرياض قراره بتدخل سعودي (كان مساره أن رفع السوريون أعلام السعودية في دمشق).

وتضمن القرار 4 مهمات تتعلق بقرار رفع كل العقوبات عن سوريا بحسب ترامب وهي:

رفع العقوبات عن سوريا بعد مناقشات مع أردوغان ومحمد بن سلمان وأنه سيلتقي أحمد الشرع الأربعاء في السعودية وأنه اتخذت خطوات لاستعادة العلاقات الطبيعية مع سوريا، مضيفا "يسعدني الإعلان عن اجتماع وزير الخارجية الأمريكي مع نظيره السوري هذا الأسبوع".
 

سر الارتياح

الكاتب والباحث عمر الاسكندراني Omar Mohamed Al Askandarani  قال: ".. الشعب السوري يستحق يعيش حياة طبيعية بغض النظر عن حيثيات رفع العقوبات إيه.. الشعب ده دفع فواتير الحرية أنهارًا في الوقت إللي الشعوب العربية كانت عاجزة حتى تخفف عنه أو تواسيه.. ناهيك عن الشعوب إللي شككت في الشعب وتبنت رواية بشار!".

وأضاف أن ".. العقوبات مش نيشان شرف ولا بتعبر عن أي نوع من أنواع الثبات على الموقف! ما العقوبات دي كانت مفروضة على نظام بشار وإللي بالضرورة أعاد توجيهها على الشعب السوري.. فالأولى إن العقوبات تزول بزوال بشار ".

وتابع: "..  الظاهر إلى الآن إن الإدارة السورية انتزعت رفع العقوبات بتحالف ما.. تركيا كان ليها دور والسعودية ليها دور.. وبشكل ما ده بيرسم محور جديد وبيضيف أطراف "آمنة" للمعادلة مفيهاش إيران.. وده مهم!".

وأوضح أن "..الإدارة السورية من يوم ما استلمت البلد وهي مجبرة على الاختيار من بين الأسوء والاشد سوءً وبالتالي صعب دلوقتي تزايد على مواقفها وهي مكتوم نفسها من أول يوم في ظل العقوبات.. وفي ظني إن سوريا مش هتقدم التطبيع بالمقابل.. لكن هتقدم ضمانات بأنها تكف مشاريع وخطط وأدوات إيران في المنطقة ".

وأشار إلى أن سوريا دولة مهمة.. "..لازم ترجع قوية في أسرع وقت.. وبأي طريقة وإن كانت الغاية مش شبه الوسيلة إلا إن الغاية يستحيل تتحقق في ظل عقوبات! السعودية يهمها سوريا تكون قوية.. تركيا يهمها سوريا تكون قوية.. المنطقة كلها هتستفيد لما سوريا ترجع قوية.. وقتها لما ترجع سوريا قوية فعليا وواقعيا نبقى نسأل.. إيه التمن إللي اندفع.. ولحد فين قدمت الإدارة تنازلات.. ".

واستدرك ".. مفيش نظام مقدمش ولا مبيقدمش تنازلات.. لكن الفرق إن فيه حد عنده خطط وبيلعب سياسة وبيقدم دلوقتي عشان يكسب بعدين.. وبين أنظمة تانية عايشة تاخد على قفاها.. وكل تنازل ولا أروع من إللي قبله..  أنا مش واثق رجال السياسة عموما بس واثق في السوريين.. ادوهم فرصة يتنفسوا بس وشوية وقت.. وشوية سكوت وهدوء .. لأن سياسة الأمر الواقع مختلفة تماما عن وهم السياسة الأخلاقية المثالية إللي فيها العالم هيرحب بالدولة الأموية وياخدها بالاحضان".

https://www.facebook.com/OmarAlAskandarani/posts/pfbid02zJPSUD8bBxxoFFD56mzN5e4YMhjMez4ioNi2b7qj6TMvjfo9jJ3jh6LAk3dEgmSYl

وكشف الأكاديمي المصري د. خليل عناني عبر Khalil Al-Anani أن نتنياهو حاول إحباط رفع ترامب العقوبات عن سوريا، ونقل عن "العربي الجديد"،  أنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، طلب خلال زيارته إلى الولايات المتحدة الشهر الماضي، من الرئيس دونالد ترامب، إبقاء العقوبات الأميركية على سورية، وعدم دعم الاستقرار في سورية، مرجعاً ذلك إلى تخوّفه من "تكرار ما حدث في 7 أكتوبر 2023"، على حدِّ زعمه.

وأشار إلى أنه "في الأسبوع الأول من إبريل الماضي، استضاف الرئيس الأميركي ترامب، بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام وسائل الإعلام بالبيت البيضاوي، إنّه ناقش مع الرئيس الأميركي الملفَّ السوري وقال له "لا نريد رؤية تركيا تستخدم الأراضي السورية قاعدةً ضدنا"، كما أشار إلى أنّهما ناقشا سبل تجنّب الصِّدام، وردّ الرئيس ترامب آنذاك قائلاً: لديَّ علاقةٌ ممتازة مع أردوغان (الرئيس التركي). أنا أحبّه وهو يحبّني، وقلت لنتنياهو إذا كان لديك مشكلة مع تركيا سأساعد على حلّها، ولا أعتقد أن ذلك سيكون مشكلة، لكن عليك التصرّف بعقلانية لحل أي مشكلة".

وتابع نقلاً عن مصدر للعربي الجديد "وكشف المصدر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي قدم مطالب في المرتَين اللتَين زار فيهما واشنطن بعدم رفع العقوبات على سورية، وذلك حسب ما أكّد مسؤولون أميركيون أثناء نقاش ملف رفع العقوبات على دمشق.".

وعلق ".. اليوم، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أنه سيرفع العقوبات عن سورية لـ"منحها فرصةً"، مؤكداً أنه اتَّخذ هذا القرار بعد مناقشات مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وقال ترامب، خلال خطابٍ ألقاه في الرياض، ضمن زيارة بدأها اليوم لمنطقة الخليج، إنّ سورية عانت من الحروب، وإن إدارته "اتّخذت الخطوة الأولى نحو تطبيع العلاقة مع دمشق"، معرباً عن أمله بأن تنجح الحكومة السورية الجديدة.".
 

الرسالة الأبرز من الزيارة

المحلل السياسي والباحث محمد عبد العاطي وعبر فيسبوك قال إن استقبال السعودية للرئيس الأميركي دونالد ترمب جاء استقبالًا مدروسًا بعناية فائقة، نفسيًّا قبل أن يكون لوجستيًّا، في إشارة إلى حرص الرياض على إظهار الترحيب والدعم في أبهى صوره. وقد ضم الوفد الأميركي المرافق لترمب عددًا كبيرًا من مدراء أكبر الشركات العالمية، في دلالة واضحة على الطابع الاقتصادي للزيارة، وتعزيز العلاقات الاستثمارية بين البلدين.".

وأشار إلى أن ".. الأهم من خطاب ترمب لم يكن البُعد الاقتصادي فحسب، بل الرسائل السياسية التي بعث بها من الرياض، والتي حملت إشارات متعددة الاتجاهات. فقد أعلن أن اتفاقًا روسيًّا-أوكرانيًّا سيُبرم برعاية أميركية في تركيا، وهو ما يُظهر رغبة إدارته في استعادة زمام المبادرة في الملف الأوروبي. كما أعلن عن نية الولايات المتحدة رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، ومنحها فرصة للاستقرار والتنمية، وذلك استجابة لطلب سعودي، في تحول لافت في السياسة الأميركية حيال الملف السوري.".

واعتبر "عبدالعاطي" أن "..المكسب الأبرز من هذه الزيارة، والذي قوبل بارتياح كبير، كان إعلان ترمب عن نية رفع العقوبات عن سوريا، بما يعني ضمنًا الاعتراف الدولي بالحكم الجديد، ومنح هذا البلد المنكوب فرصة لاستعادة أنفاسه بعد سنوات من المعاناة.".

وعبر عن أمله المعقود "أن تُسفر هذه الزيارة عن تحقيق الهدف الأهم، وهو وقف العدوان على غزة، وإنهاء التهجير القسري في القطاع والضفة، وضمان بقاء الشعب الفلسطيني في أرضه؛ فبقاء الفلسطيني في أرضه هو جوهر القضية.. وعلى كل حال، فإن السياسة، التي كانت منذ القدم تقوم على منطق الصفقات، باتت مع ترمب تُدار على المكشوف، لا خلف الأبواب المغلقة، بل أمام عدسات الكاميرات وعلى مرأى من العالم أجمع.

https://www.facebook.com/mabdualati/posts/pfbid0JqfxW83tnEunXaaKVEX2EknfAMtRGSHGBAXw7LZuogfpSVybVfJAW7Cw2vvE2rfDl

وكان صناع السياسات في أوروبا خففوا من القيود على سوريا بتحفظ واستحياء، وطالبوا بالمزيد من الاثباتات قبل رفع باقي العقوبات وتوسطت السعودية لسوريا عند ترامب (بلا مقابل حتى الأن) و قرر ترامب مباشرة رفع العقوبات وإعادة العلاقات الدبلوماسية، وهذا لوحده كفيل بإحداث نقلة ضخمة بالبلاد.

وتسببت الحرب في سوريا والعقوبات بشلل كامل للاقتصاد السوري، انكمش فيه الـGDP  من 61$ مليار في 2010 حتى 6$ مليار في 2023، وهبطت الصادرات من 18$ مليار إلى 1.8$ مليار فقط وبعد إزالة العقوبات وزيادة الدعم المتوقع من السعودية، وقطر وباقي دول الخليج لسوريا، سيتم تخفيف معاناة الشعب السوري تدريجيا.

وأعلن في الرياض عن حزمة استثمارات سعودية جديدة في الولايات المتحدة بقيمة 300 مليار دولار، تُضاف إلى استثمارات سابقة بلغت 500 مليار دولار، ما يعكس حجم التعويل السعودي على الإدارة الأميركية الجديدة، وطبيعة التفاهمات التي تم التوصل إليها بين الطرفين.