اغتيل عبد الغني الككلي، المعروف بـ"غنيوة"، قائد جهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي في ليبيا، مساء أمس الاثنين، بطلق ناري أثناء حضوره اجتماعًا أمنيًا في معسكر "التكبالي" جنوب شرق طرابلس.
اغتيال وسط اجتماع للتهدئة
مصادر أمنية وطبية أكدت مقتل الككلي مع عدد من عناصر حراسته في اشتباك مسلح اندلع بشكل مفاجئ داخل المعسكر، خلال اجتماع دعا إليه بهدف احتواء التوترات الأمنية التي تفجرت خلال اليومين الماضيين في طرابلس.
وبحسب المعلومات الأولية، اندلع الاشتباك بين حراسات الككلي وعناصر من فصائل أخرى حضرت الاجتماع، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، دون كشف رسمي عن عدد الضحايا أو هويات بقية القيادات المشاركة.
ووفق المصدر الأمني، حضر الاجتماع ممثلون عن "اللواء 444 قتال" و"اللواء 111 قتال"، وهما قوتان تتبعان اسمياً وزارة الدفاع في حكومة الوحدة الوطنية.
ولم تُصدر الحكومة أو المجلس الرئاسي أي بيان رسمي بشأن مقتل الككلي حتى لحظة إعداد هذا التقرير، بينما لا تزال أصوات النيران تسمع متقطعة في أجزاء من العاصمة.
من هو عبد الغني الككلي؟
الككلي، أحد أبرز الوجوه العسكرية في طرابلس منذ انتفاضة 2011، بدأ مسيرته من حي أبوسليم بتشكيل مسلح صغير سرعان ما تطور ليصبح أحد أهم مكونات ما عُرف بـ"فجر ليبيا" عام 2015.
وبعد أن شرعنته حكومة الوفاق الوطني عام 2016 تحت اسم "قوة الأمن المركزي"، نال تشكيله المسلح صلاحيات أمنية واسعة مكنته من فرض السيطرة على أجزاء كبيرة من العاصمة، قبل أن يتحول إلى "جهاز دعم الاستقرار" بموجب قرار من المجلس الرئاسي.
شارك الككلي بقوة في صدّ هجوم قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر على طرابلس خلال عامي 2019 و2020 ضمن عملية "بركان الغضب"، وأصبح جهازه أداة نافذة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التي استعانت به لفرض السيطرة الأمنية والسياسية في طرابلس وضواحيها، وصولاً إلى مدن كغريان وزليتن.
لكن النفوذ المتزايد للككلي، وتدخله في التعيينات داخل المؤسسات، أدخله في صراعات متصاعدة مع قوى مسلحة منافسة، بعضها محسوب على وزارتي الداخلية والدفاع، وأخرى ذات ولاءات محلية وقبلية.
وزاد من حدة هذه الصراعات تسريب صور ومعلومات في الأشهر الماضية تُظهر لقاءات غير معلنة بين الككلي وقيادات من معسكر حفتر، ما أثار الشكوك حول نواياه السياسية.
طرابلس على حافة الانفجار
عقب اغتيال الككلي، شهدت طرابلس انتشاراً واسعاً للقوات المسلحة في شوارعها، وتحركات عسكرية مشبوهة تشير إلى تصاعد الصراع على النفوذ داخل العاصمة.
وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على منصات التواصل الاجتماعي أرتالاً عسكرية قادمة من مصراته، خاصة "قوة العمليات المشتركة" الموالية للدبيبة، وأخرى من الزنتان يُعتقد أنها تابعة لوزير الداخلية عماد الطرابلسي.
وزارة الداخلية في حكومة الوحدة دعت السكان إلى التزام منازلهم حفاظاً على سلامتهم، دون تقديم أي تفاصيل عن الوضع الأمني.
في المقابل، أشارت مصادر أمنية إلى أن الاشتباكات سبقتها خلافات حادة بين جهاز دعم الاستقرار وتشكيلات أخرى بشأن السيطرة على مقر إداري بالعاصمة.
تحركات دولية لاحتواء الأزمة
القلق من الانفجار الأمني في طرابلس دفع البعثة الأممية في ليبيا إلى إصدار بيان عاجل دعت فيه الأطراف إلى "التهدئة الفورية، والامتناع عن الاستفزازات، وحل النزاعات بالحوار"، مشيرة إلى تلقيها تقارير عن تحركات عسكرية وتصاعد في التوترات.
كما شددت على ضرورة حماية المدنيين، داعية الأطراف الليبية إلى التمسك بخيار الحل السلمي.
كما انضمت السفارة الأميركية إلى هذه الدعوة، حيث شاركت بيان البعثة عبر حسابها الرسمي على منصة "إكس"، مشددة على أهمية ضبط النفس.
التطورات الأمنية تأتي بالتزامن مع إعلان البعثة الأممية بدء مشاورات مع الأطراف الليبية بشأن القضايا الخلافية في القوانين الانتخابية، في إطار مبادرة تهدف إلى بناء خارطة طريق تؤدي إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مؤجلة منذ سنوات.