في مقال نُشر في موقع ميدل إيست آي، يكشف الدكتور عمر عبد المنعم التمييز الصارخ في تعامل الحكومة البريطانية مع الأطفال الجرحى من غزة مقارنة بأطفال أوكرانيا. في مارس 2022.
وبعد أسابيع فقط من غزو روسيا لأوكرانيا، استقبلت بريطانيا 21 طفلًا أوكرانيًا مصابين بالسرطان، ونُسّق علاجهم ضمن خدمات هيئة الصحة الوطنية.
أما في حالة غزة، وبعد 17 شهرًا من الجهود المستمرة، سُمِح فقط لطفلين بالدخول لتلقي العلاج، ليس بسبب شدة إصابتهما، بل لأن حالتيهما صحيتان تُعتبران "محايدة سياسيًا"، ولا ترتبطان مباشرة بعدوان إسرائيل.
رفضت الحكومة البريطانية استقبال الجرحى من أطفال غزة الذين يعانون من بتر الأطراف والحروق والجروح الناتجة عن القصف، رغم توفّر المستشفيات البريطانية، وتطوّع الأطباء والجراحين، وتوفير التبرعات الخيرية لتغطية تكاليف العلاج.
ولم تساهم الحكومة في تنسيق الرعاية أو تمويلها، بل عرقلت إصدار التأشيرات، بحجج واهية مثل العوائق اللوجستية أو الأمنية.
نسّقت منظمة "بيور هوب" الخيرية عملية علاج الطفلين عبر دعم من أطباء ومحامين ومتطوعين.
وتؤكد المقالة أن هذا الجهد المدني، الذي لا علاقة له بالحكومة، هو الوحيد الذي نجح رغم الحصار السياسي المفروض على إدخال أطفال غزة للعلاج في بريطانيا.
يرى كاتب المقال أن الحكومة البريطانية لا تتذرع بالبيروقراطية، بل تمارس منعًا سياسيًا متعمّدًا.
فبينما تستمر في دعم إسرائيل، ترفض استقبال أطفال جرحى حتى لا تُثار تساؤلات محرجة حول طبيعة العدوان الإسرائيلي، وتُبقي على صورة "التعاطف الإنساني" كقناع يخفي التواطؤ السياسي.
داخل البرلمان، عبّرت بعض الأصوات حتى من داخل حزب المحافظين عن رفضها لهذه السياسة، مثل البارونة أرمينكا هيليك التي وصفتها بـ"ازدواجية المعايير".
ومع ذلك، تواصل الحكومة تجاهل الطلبات، رغم أن الرعاية مموّلة بالكامل من مؤسسات خيرية، والمستشفيات جاهزة لاستقبال الأطفال.
في فبراير 2024، صرّح وزير الخارجية البريطاني آنذاك ديفيد كاميرون أمام البرلمان بأن الحكومة مستعدة للمساعدة.
لكن عند تقديم طلب لطفل مبتور القدمين قُبل علاجه في مستشفى بريطاني، تجاهلت الحكومة الطلب، ولم ترد عليه، ثم أنكرت لاحقًا استلامه أصلًا.
وذكرت وزارة الداخلية أن الطلب يُعتبر مقبولًا فقط بعد حضور الطفل أو ولي أمره إلى مركز تقديم التأشيرات، وهو أمر مستحيل في غزة المحاصرة.
تواجه فرق الأطباء العاملين داخل غزة تحديات ضخمة. المنظومة الصحية انهارت منذ أكتوبر 2023، وعشرات الآلاف من الأطفال قُتلوا، بينما يُترك آلاف آخرون يعانون من إصابات مروّعة دون علاج، في ظل الحصار والتجويع المتعمد.
ورغم هذه الكارثة، تواصل الحكومة البريطانية التنصل من مسؤولياتها. لم تساهم بجنيهٍ واحد، وكل جهود الإنقاذ والعلاج تولاها المجتمع المدني والمتطوعون.
وفي الوقت ذاته، يحاول السياسيون البريطانيون الظهور بمظهر المتعاطف، لكن الحقيقة -بحسب الكاتب- هي أن معاناة أطفال غزة غير مريحة، لأنها تفضح تواطؤ الحكومة وتُظهر الفجوة بين خطابها الإنساني وسلوكها الفعلي.
لم يُسمح بدخول طفلين للعلاج إلا لأن حالتيهما لا تهدد السردية الغربية.
هكذا ترسم بريطانيا خطها الأحمر الإنساني: كل أحد يستحق العناية... ما عدا الفلسطينيين.
https://www.middleeasteye.net/opinion/uk-denies-gaza-injured-children-medical-treatment-shameful