في مقال نشره موقع ميدل إيست مونيتور، يتناول التحليل تصاعد التوتر بين الهند وباكستان، حيث شنت الهند ضربات عسكرية داخل الأراضي الباكستانية، وردت إسلام آباد بالمثل. الشرارة جاءت إثر هجوم في كشمير الخاضعة للهند، لكن الردود لم تُبنَ على أدلة بل على يقين قومي. المشهد ليس صدامًا حضاريًا بل استغلال مقصود للأزمة، إذ لجأ نظامان مأزومان إلى الحرب لتشتيت انتباه شعوب غاضبة. عندما تنضب الخبز، تُرفع الأعلام وتُقرع الطبول.
في باكستان، قاد العسكر البلاد إلى قمع منظم يشمل الاعتقالات والإخفاء والتضييق الإعلامي، حتى أصبحت السلطوية أشبه بإدارة روتينية. ومع تنامي الغضب الشعبي، وجّه الجيش أنظاره إلى الخارج، ليثير معركة تُبعد الأنظار عن أزماته الداخلية.
في الهند، ورغم فوزه الانتخابي، يواجه ناريندرا مودي أزمة اقتصادية وسياسية، فجاءت الأزمة مع باكستان فرصة سانحة. إعلام الهند لعب دور الجندي لا الصحفي، فأصبحت نشرات الأخبار ساحات استعراض وطني بدلًا من النقد والمساءلة. بينما يُداس كشمير تحت أحذية الاحتلال، يغيب عن الضمير العام.
الخطر الأكبر يكمن في التلاعب بالسلاح النووي. كلا النظامين يستخدمه كورقة دعائية، فيما يتحول الردع النووي إلى مقامرة وجودية. حتى المياه أصبحت سلاحًا، بعد تهديد الهند بإلغاء معاهدة نهر السند، ما يهدد باكستان بجفاف قاتل.
وعلى الصعيد الدولي، تُوظف الأزمة في لعبة قوى كبرى. واشنطن تنحاز إلى نيودلهي في مواجهة بكين، التي تقيم مشاريع استراتيجية ضخمة مع إسلام آباد مثل ممر الصين-باكستان. في هذا السياق، تُرتهن سيادة باكستان لمصالح خارجية، بينما تواصل الهند فرض مشروعها القومي بقوة السلاح.
أما كشمير، فتبقى الضحية المنسية. الهند تسعى إلى محو هويتها بتغيير ديمغرافي وقمع ممنهج، وباكستان تكتفي بالشعارات دون تقديم دعم حقيقي. العالم صامت، والمنظمات تُمنع من الوصول، والناس يُنسون في صخب الصراع.
ما يجري ليس أزمة جديدة، بل تكرار خطير لسيناريو مألوف، لكنه هذه المرة ينذر بانفجار شامل. الخطر لا يكمن فقط في التصعيد، بل في اعتياده. وفي جنوب آسيا، أصبحت الحرب أداة حكم لا أداة ردع، وصار الإلهاء سياسة، لا عرَضًا.
https://www.middleeastmonitor.com/20250507-the-art-of-distraction-war-drums-dictatorships-and-the-dance-of-nuclear-madness/