أعلنت الحكومة السودانية مساء أمس الثلاثاء قطع علاقاتها الدبلوماسية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، متهمة أبوظبي بشكل علني وشديد اللهجة بدعم مباشر لقوات الدعم السريع التي تقود تمردًا عسكريًا داميًا ضد الجيش السوداني في مختلف أنحاء البلاد.

القرار جاء كتحوّل سياسي وأمني غير مسبوق، بعدما وصفت الخرطوم السلوك الإماراتي بأنه "عدوان مسلح وممنهج"، متجاوزًا حدود الدعم السياسي أو المالي، إلى تزويد قوات الدعم السريع بأسلحة استراتيجية وطائرات مسيّرة تُستخدم في قصف منشآت مدنية وبنية تحتية، بما فيها مواقع داخل مدينة بورتسودان التي تُعد المقر المؤقت للحكومة السودانية.

 

دعوى دولية مرفوضة.. ورد سياسي غاضب

قطع العلاقات جاء بعد 24 ساعة فقط من صدور حكم محكمة العدل الدولية برفض دعوى سودانية تتهم الإمارات بالتورط في الإبادة الجماعية ضد قبائل "المساليت" في إقليم دارفور، بسبب ما اعتبرته المحكمة "عدم الاختصاص". هذا الرفض لم يُطفئ نيران الغضب في الخرطوم، بل زادها اشتعالًا.

الحكومة السودانية اعتبرت القرار القضائي "نكسة قانونية لا تُنهي الجريمة، بل تستدعي الرد السياسي"، ووجدت فيه فرصة لتصعيد موقفها تجاه الإمارات، التي ترى فيها شريكًا مباشرًا في تمزيق البلاد ودعم جماعة متمردة مسؤولة عن ارتكاب مجازر وجرائم حرب، وفقًا لتقارير متعددة من منظمات حقوقية دولية.

 

وقائع على الأرض: طائرات مُسيّرة وحرائق النفط

على مدار الأشهر الماضية، نفت الإمارات رسميًا أي علاقة بتسليح قوات الدعم السريع، لكنها واجهت اتهامات متكررة من جهات سودانية وحقوقية بتقديم دعم لوجستي وعسكري لقائد المليشيا محمد حمدان دقلو "حميدتي".

بيان مجلس الأمن والدفاع السوداني هذه المرة كان مختلفًا: اتهام مباشر، وأدلة وصفها بـ"الدامغة"، على أن أسلحة متطورة وطائرات بدون طيار تم نقلها إلى قوات الدعم السريع عبر خطوط تهريب إقليمية، وتم استخدامها في هجمات دقيقة على منشآت بترولية ومطارات ومواقع مدنية في شرق السودان، بما في ذلك العاصمة البديلة بورتسودان.

 

إعلان "دولة عدوان": سابقة سودانية في الدبلوماسية

الخرطوم لم تكتف بقطع العلاقات، بل وصفت الإمارات رسميًا بأنها "دولة عدوان"، وهو تصنيف غير مألوف في القاموس الدبلوماسي العربي، ويعني أن الدولة المتهمة تجاوزت حدود التدخل السياسي أو التمويل السري، إلى خوض حرب غير مباشرة على أرض السودان.

البيان الحكومي أشار إلى أن هذا "العدوان الممنهج" لا يُهدد السودان وحده، بل يعرض أمن البحر الأحمر والمنطقة بأسرها للخطر، مشيرًا إلى احتفاظ السودان "بحق الرد الكامل بكافة الوسائل"، ما يفتح الباب أمام احتمالات التصعيد السياسي والعسكري في المرحلة القادمة، ليس فقط على مستوى البلدين، بل في الإقليم بأكمله.

 

النهج الإماراتي: أدوات الفوضى تمتد من ليبيا إلى السودان

هذه ليست المرة الأولى التي تُتهم فيها الإمارات بالتورط في تسليح مليشيات خارج حدودها. فخلال العقد الماضي، برزت أبوظبي كلاعب إقليمي يمارس سياسة خارجية قائمة على "النفوذ عبر الوكلاء"، بدءًا من دعم الجنرال خليفة حفتر في ليبيا، إلى تقديم العون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، مرورًا بتدخلات في القرن الأفريقي.

الفيديو:

https://x.com/TSC_SUDAN/status/1919763628078641451