شنّ رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هجوماً لاذعاً على دولة قطر، الوسيط الرئيسي في المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة "حماس"، متهماً الدوحة بـ"اللعب على الجانبين"، ومطالباً إياها بأن "تقرر إن كانت ستقف إلى جانب الحضارة أم إلى جانب حماس"، على حد تعبيره.
وقال مكتب نتنياهو، في بيان رسمي صدر أمس السبت، إن الحكومة الإسرائيلية دعت قطر إلى "الكف عن الحديث غير الواضح واتخاذ موقف واضح في المفاوضات"، في إشارة إلى الدور الذي تلعبه الدوحة منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر 2023، من خلال وساطتها النشطة مع مصر والولايات المتحدة.
ويأتي هذا التصعيد غير المعتاد في لهجة الخطاب الإسرائيلي تجاه قطر قبل أيام قليلة من زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة، والمقررة بين 13 و16 مايو الجاري، وتشمل كلاً من السعودية وقطر والإمارات.
تُعدّ هذه الزيارة الأولى لبايدن إلى الشرق الأوسط منذ بدء ولايته الثانية في يناير الماضي، وتحمل في طيّاتها ملفات شائكة، أبرزها الحرب في غزة، وأزمة المحتجزين، والجهود الإقليمية لوقف إطلاق النار.
خلفية الهجوم وتوقيته
يمثّل هجوم نتنياهو على قطر نقلة نوعية في الموقف الإسرائيلي، إذ أن الدوحة لطالما لعبت دوراً محورياً في التوسط بين تل أبيب وحماس، بغطاء دولي وأميركي واضح. وتُطرح تساؤلات حول مغزى الهجوم وتوقيته، خاصة في ظل الأنباء المتواترة عن تعثّر المفاوضات وازدياد الضغوط الداخلية على الحكومة الإسرائيلية من عائلات الجنود الأسرى.
ويبدو أن تصريحات نتنياهو تعكس حالة من الإحباط داخل الحكومة الإسرائيلية إزاء ما تعتبره "تباطؤاً" قطرياً في الضغط على حماس للقبول بالصيغة المطروحة لاتفاق التهدئة، الذي يشمل وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار، وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين مقابل الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين، وهو المقترح الذي لا يزال محل أخذ وردّ.
الرد القطري.. التزام بالدور ورفض للاتهامات
لم تصدر الدوحة رداً رسمياً على تصريحات نتنياهو، لكن سياق المواقف القطرية السابقة يشير إلى تمسكها بدورها كوسيط نزيه.
وكان رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، قد أكد في 28 أبريل الماضي استمرار الجهود للتوصل إلى اتفاق يوقف الحرب في غزة، واصفاً الوضع الإنساني هناك بأنه "تجاوز كل الخطوط الحمراء".
وقال في افتتاح منتدى الأمن العالمي في الدوحة: "ما يجري في غزة يقدم لنا دروساً مؤلمة وسط كارثة إنسانية تجاوزت كل الخطوط الحمراء"، مشدداً على أن دعم قطر للشعب الفلسطيني ليس موقفاً سياسياً بل "واجب أخلاقي نؤمن به"، ومؤكداً التزام بلاده ببناء السلام.
قطر تحت الضغط.. اتهامات إسرائيلية متكررة
ليست هذه المرة الأولى التي تُوجّه فيها انتقادات إسرائيلية إلى قطر.
ففي مارس الماضي، ردّت الدوحة على اتهامات إسرائيلية بأن مساعداتها الإنسانية إلى غزة "ذهبت لحماس"، ووصفتها بأنها "مزاعم كاذبة تماماً".
وقال مكتب الإعلام الدولي القطري إن "جميع المساعدات المقدّمة إلى غزة نُقلت بإشراف مباشر من الإدارات الإسرائيلية ووكالاتها الأمنية، بما في ذلك جهاز الشاباك".
وأشار البيان إلى أن المساعدات القطرية شملت الغذاء والدواء والكهرباء للأسر الغزية، ولم تذهب أبداً إلى الأجنحة السياسية أو العسكرية لحماس، مضيفاً أن الاتهامات تهدف إلى "إطالة أمد الحرب والانحراف عن الإخفاقات الداخلية الإسرائيلية".