يصادف الأحد يوم الأرض الذي يحتفل به الفلسطينيون في 30 مارس من كل عام، في إشارة إلى تمسكهم بأراضيهم وجذورهم، فيما تحل عليهم هذه المناسبة على وقع حرب طاحنة أودت بحياة ما يقرب من 51 ألف فلسطيني في قطاع غزة، وعملية سور حديدي إسرائيلية يرى مراقبون أن هدفها طمس هوية مخيمات اللجوء في الضفة الغربية ومحوها من الذاكرة الجمعية الفلسطينية، فيما تتعرض فلسطين لحرب وجودية .
ويعيش الفلسطينيين "حرباً وجودية" على بقائهم في بلادهم، وأنهم مهددون بتهجير فعلي، على وقع الممارسات الإسرائيلية ضدهم، من ملاحقات سياسية واعتقالات وأحكام قضائية جائرة وترهيب وتمييز وعنصرية.
لا هجرة إلا للقدس
الباحث السياسي الفلسطيني سعيد زياد، أكد أن الفلسطيني قاتل من أول يوم احتلّ فيه الإنجليز أرضه بكل ما يملك، ثم قاتل الاحتلال الاسرائيلي منذ اليوم الأول بكل ما يملك، قاتلهم بالبارود والرصاص، وعندما لم يجدهما قاتلهم بالحجر والمقلاع والمولوتوف والسكين، والأهم من هذا أنه قاتلهم بصموده في هذه الأرض، ورفضه التهجير، ورفع شعاراته الخالدة، لا هجرة بعد الهجرة، ولا هجرة إلا للقدس.
وتابع مائة عام من القتال دفع فيها الفلسطيني أثماناً عظيمة وتضحيات تساوي عندنا ثقل الأرض، لئلا يفقد ما تبقى من أرضه، ويصبح هائماً على وجهه في أصقاع الدنيا بلا وطن.
ولفت أنه كانت أعظم بطولات الفلسطيني تجلّياً في مشوار الصمود الطويل هذا، أنه صمد أمام أعتى قوة غاشمة بلا أدنى مقومات صمود، سوى عزمه وإرادته التي لم تلن أمام جبروت الميركافا والF16.
ونوه أنه في هذه الحرب، لم يسقط سيناريو التهجير لأن المقاومة قاتلت فحسب، بل سقط سيناريو التهجير ومعه خطة الجنرالات والحكم العسكري لأن الناس صمدوا، أمك وأمي، أبوك وأبي، ابنك وابني، أخوك وأخي، أختك وأختي، أخوالنا، أعمامنا، خالاتنا، عمّاتنا، أصحابنا وأطفالنا ومُهج قلوبنا، جميعهم يساوون عندنا الدنيا وما فيها، بهم صمدنا، وبهم قاتلنا، وبهم سننتصر باذن الله.
واستطرد لم نقاتل لأن القتال بذاته غايتنا، وإنما نقاتل اليوم ونصمد، حتى نبني حياة لأطفالنا من بعدنا، حياة كريمة حرّة، في وطن حرّ مستقل، لا لاجئين في مخيمات اللجوء كما عشنا، ولا مهجّرين في المنافي هائمين على وجوهنا بلا أرض ولا وطن ولا هوية.
ذكرى يوم الأرض
تعود الذكرى إلى العام 1976، حيث يستذكر الفلسطينيون من خلال هذا اليوم الاشتباكات بين سكان عدة بلدات وقرى في أراضي 48 مع الجيش الإسرائيلي، قتل خلال ذلك اليوم ستة فلسطينيين واعتقل الجيش الإسرائيلي مئات آخرين، ليخرج أهالي مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة ويعبروا عن وحدتهم مع الفلسطينيين في مناطق 48 تأكيداً على وحدتهم ووحدة مصيرهم ويعلنوا إضراباً عاماً.
ومنذ ذلك الحين، يعبر الفلسطينيون من خلال احتفائهم بيوم الأرض عن تشبثهم بحقهم في الأرض وجذورهم وتمسكهم بحق عودتهم إلى أراضيهم التي أخرجوا منها في العام 1948.
مشاريع التهجير والتوطين والوطن البديل
أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) اليوم السبت رفضها كل مشاريع التهجير والتوطين والوطن البديل، وشددت على تمسكها بالثوابت الوطنية.
وفي بيان لها بمناسبة ذكرى يوم الأرض الذي يصادف يوم غد الأحد، قالت حماس "متجذرون في أرضنا، ولا سيادة أو شرعية للاحتلال على شبر منها، وفي القلب منها القدس والمسجد الأقصى".
وأكدت الحركة أن المقاومة "هي السبيل الوحيد للدفاع عن أرضنا، وانتزاع حقوقنا، وإفشال مخططات الاحتلال العدوانية".
وأضافت أن حق عودة اللاجئين إلى أرضهم وديارهم حق ثابت فردي وجماعي لا يسقط بالتقادم.
ودعت حماس الأمة وأحرار العالم إلى تصعيد كل أشكال التضامن والتأييد لأهل غزة والضغط لوقف العدوان الإسرائيلي.
مسيرات تضامن غربية
وبهذه المناسبة خرج الآلاف من المتضامنين مع الفلسطينيين والرافضين لاستئناف العملية العسكرية في قطاع غزة ولكن أيضاً احتفاءاً بيوم الارض الفلسطيني في كبرى المدن والعواصم العربية والعالمية ونظموا مسيرات حاشدة تعبر عن تضامنهم.
تظاهرات ومسيرات تضامن مع الفلسطينيين في ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا بمناسبة «يوم الأرض» الذي يصادف اليوم، في وقت صعدت فيه الحكومة الإسرائيلية من هجومها الاستيطاني غير المسبوق في الضفة الغربية واستولت على مزيد من الأراضي منذ السابع من أكتوبر 2023، وخصوصاً خلال العام الماضي.
وخرجت مظاهرات في مدن ألمانية عدة طالبت بدعم الشعب الفلسطيني وبإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. ونظمت مؤسسات وجمعيات فلسطينية وعربية ومجموعات مناصرة لفلسطين مظاهرات ووقفات في دورتموند وبون وفرانكفورت، حيث تدخلت السلطات لوقفها. وشاركت حركات وجمعيات تتصدرها حركة الصوت اليهودي ومجموعة «عين على فلسطين» وغيرها من التنظيمات الداعمة لفلسطين في احتجاجات للتنديد باستمرار «الإبادة الجماعية» في غزة.
وفي فرنسا، نظمت جمعية «يورو فلسطين» مظاهرة في باريس تحت شعار «فلسطين لا يمكن أخذها ولا بيعها». وفي بريطانيا، تظاهر متضامنون مع القضية الفلسطينية في مدينة مانشستر داعين إلى وقف الحرب الإسرائيلية على غزة.
وطالب المتظاهرون الحكومة بوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل. ودعوا المجتمع الدولي إلى محاسبة القادة الإسرائيليين بتهمة الإبادة الجماعية.
وللعام الثاني على التوالي يحيي الفلسطينيون ذكرى يوم الأرض في ظل عدوان إسرائيلي مستمر على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023 خلّف حتى اليوم أكثر من 163 ألف شهيد ومصاب وآلاف المفقودين، إضافة إلى اعتداءات متواصلة ضد الفلسطينيين في مدن وبلدات الضفة الغربية المحتلة، مع تصاعد دعوات اليمين المتطرف الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين من أرضهم.