كشفت تحقيقات ميدل إيست آي أن شركة أفينيتي بارتنرز، التي أسسها جاريد كوشنر وتحظى بدعم من صناديق ثروة سيادية في السعودية وقطر والإمارات، هي أكبر مساهم في شركة مالية إسرائيلية تدعى فونيكس فينانشيال. هذه الشركة تمتلك بدورها حصصًا في شركات متهمة من قبل الأمم المتحدة بالعمل في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية والقدس الشرقية والجولان المحتل.
تلقت أفينيتي مليارات الدولارات من استثمارات خليجية منذ تأسيسها عام 2021. وفي يناير 2025، أكملت صفقة استحواذ على نحو 10% من أسهم فونيكس، وذلك بعد حصولها على تمويل إضافي من جهاز قطر للاستثمار وشركة استثمار إماراتية.
استثمارات في المستوطنات رغم الإدانات العلنية
ووفقًا لبيانات بورصة تل أبيب، تبلغ قيمة استثمارات فونيكس في 11 شركة متورطة في المستوطنات حوالي 4.5 مليار دولار. تشمل هذه الشركات مؤسسات مصرفية وشركات اتصالات ونقل وطاقة وهندسة وتجزئة.
ورغم الإدانات العلنية من دول الخليج لممارسات إسرائيل في الضفة الغربية، فإن استثماراتهم غير المباشرة في أفينيتي تعني أنهم قد يكونون مستفيدين ماليًا من هذه الأنشطة. على سبيل المثال، استثمرت فونيكس في بنك لئومي، بنك هبوعليم، وبنك ديسكونت، وهي مؤسسات متهمة بتمويل بناء المستوطنات ودعم المجالس الاستيطانية. كما تستثمر في شركتي سيلكوم وبارتنر كوميونيكيشنز اللتين توفران البنية التحتية للاتصالات داخل المستوطنات.
في قطاع الإنشاءات، تمتلك فونيكس حصصًا في إلكترا شابير للهندسة، اللتين تورطتا في مشروعات على الأراضي المحتلة، مثل شبكة القطار الخفيف في القدس والأنفاق التي تربط بين المستوطنات. كما تستثمر في شركات طاقة وتجزئة مثل باز أويل وشوفيرسال التي تدير محطات وقود ومتاجر داخل المستوطنات.
كوشنر وصفقاته الإسرائيلية
يعتبر جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مقربًا من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. خلال فترة إدارة ترامب، لعب دورًا رئيسيًا في اتفاقيات أبراهام التي أرست العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، ومنها الإمارات.
في عام 2023، استحوذت أفينيتي على 4.95% من فونيكس مقابل 130 مليون دولار، مع خيار لزيادة حصتها إلى 10%، وهو ما تحقق في يناير 2025. ومنذ الاستثمار الأولي، ارتفعت قيمة أسهم فونيكس، مما حقق لأفينيتي أرباحًا ورقية تقدر بحوالي 191 مليون دولار.
ورغم أن أفينيتي تصر على أن مستثمريها الخليجيين مجرد مستثمرين "سلبيين" لا يتدخلون في قراراتها، إلا أن التحقيق يشير إلى أن هذه الدول قد تكون بشكل غير مباشر متورطة في دعم شركات تعمل في المستوطنات، في وقت تشهد الضفة الغربية هجمات إسرائيلية مكثفة، أدت إلى نزوح 40 ألف فلسطيني خلال الأسابيع الأخيرة فقط.
ازدواجية الموقف الخليجي
تتناقض هذه الاستثمارات مع تصريحات القادة الخليجيين الذين أدانوا علنًا السياسات الإسرائيلية. في أكتوبر 2024، وصف أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني تصعيد إسرائيل في الضفة بأنه مخطط مسبق، متهمًا المجتمع الدولي بالتقاعس. وفي نوفمبر، نددت السعودية بالدعوات الإسرائيلية لضم الضفة الغربية، واعتبرتها تهديدًا للأمن والاستقرار. كما أدانت الإمارات في يناير 2025 هجمات إسرائيل على جنين، ودعت إلى وقف "الممارسات غير القانونية".
مع ذلك، تُظهر الوثائق أن جهاز قطر للاستثمار وصندوق أبوظبي للتنمية استثمرا 1.5 مليار دولار إضافية في أفينيتي مؤخرًا، مما يعكس تناقضًا بين المواقف السياسية والاستثمارات الاقتصادية.
القائمة السوداء للأمم المتحدة
في 2016، كلف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان (OHCHR) بإعداد قاعدة بيانات للشركات المتورطة في المستوطنات. ونُشرت القائمة الأولى عام 2020، وتضم حاليًا 97 شركة، معظمها إسرائيلية.
تظهر قاعدة البيانات أن فونيكس تمتلك حصصًا في عدة شركات مدرجة، من بينها بنوك وشركات اتصالات ومقاولات متورطة في بناء المستوطنات أو تقديم خدمات لها. ومن المتوقع تحديث القائمة في سبتمبر المقبل بعد مراجعة 650 شركة إضافية.
هل تمثل الاستثمارات الخليجية تمهيدًا للتطبيع؟
يرى محللون أن هذه الاستثمارات قد تكون وسيلة غير رسمية لتمويل المشاريع الإسرائيلية أو حتى لكسب نفوذ لدى إدارة ترامب المحتملة في حال فوزه بالانتخابات المقبلة.
البروفيسور أندرياس كريج من كلية كينجز لندن يعتقد أن استثمارات دول الخليج في أفينيتي تمثل "طريقة قانونية لضخ الأموال في شبكة ترامب العائلية"، مشيرًا إلى أن السياسة الأمريكية أصبحت "للبيع لأعلى مزايد".
ورغم الانتقادات، تصر أفينيتي على أن عملها قانوني ومسجل لدى هيئة الأوراق المالية الأمريكية (SEC)، ورفضت أي ادعاءات بوجود تضارب مصالح.
يكشف التحقيق عن تشابك معقد بين السياسة والاقتصاد، حيث تتناقض الاستثمارات الخليجية في الشركات الإسرائيلية مع المواقف العلنية التي تتبناها هذه الدول تجاه القضية الفلسطينية. في ظل تصاعد العنف الإسرائيلي، تثير هذه الاستثمارات تساؤلات حول مدى التزام دول الخليج بدعم الحقوق الفلسطينية، وما إذا كانت هذه الأموال تساهم بشكل غير مباشر في تكريس الاحتلال.
https://www.middleeasteye.net/news/gulf-states-linked-through-kushner-israeli-businesses-un-settlements-blacklist