تتواصل في العاصمة القطرية الدوحة مفاوضات حساسة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والولايات المتحدة، في محاولة للوصول إلى حل ينهي العدوان الصهيوني على قطاع غزة، ويضع حدًّا لمعاناة المدنيين الفلسطينيين الذين يعيشون كارثة إنسانية غير مسبوقة.
وبينما تتجه الأنظار نحو هذه المباحثات، يبدو أن حكومة الاحتلال تجد نفسها أمام مأزق سياسي ودبلوماسي متزايد، في ظل الضغوط الدولية والإحراج الناجم عن القناة التفاوضية المباشرة بين واشنطن وحماس، والتي جرت دون تنسيق مسبق مع تل أبيب.
حماس: ملتزمون بالاتفاق والاحتلال الصهيوني يماطل
أكدت حركة حماس في بيان رسمي، اليوم الاثنين، أنها ملتزمة تمامًا باتفاق وقف إطلاق النار، ومستعدة للدخول فورًا في مفاوضات المرحلة الثانية، والتي يُفترض أن تفضي إلى وقف كامل للعدوان الصهيوني، مقابل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين.
إلا أن البيان أشار إلى أن سلطة الاحتلال، بقيادة رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، تواصل التهرب من تنفيذ الاتفاق، وتسعى إلى كسب الوقت عبر المماطلة وافتعال الأزمات.
ووفقًا لحماس، فإن نتنياهو يضع مصالحه الشخصية فوق مصلحة الأسرى الصهاينة وعائلاتهم، حيث يواجه رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني ضغوطًا داخلية متزايدة من قبل المعارضة وعائلات الأسرى الصهاينة، وسط اتهامات له بأنه يُعطل أي اتفاق يمكن أن يؤدي إلى إطلاق سراحهم.
موقف الاحتلال الصهيوني.. اضطرار أم مناورة؟
كشفت القناة 12 العبرية أن تل أبيب لا تملك خيارًا سوى إرسال وفدها التفاوضي إلى الدوحة، حيث يجري مبعوث الرئيس الأمريكي محادثاته مع حماس.
ويبدو أن حكومة الاحتلال الصهيوني مُحرجة من التحركات الأمريكية، التي أعادت فتح قنوات اتصال مباشرة مع الحركة، ما يعكس تحولًا في الاستراتيجية الأمريكية تجاه النزاع في غزة.
وتشير التقارير إلى أن وفد التفاوض الصهيوني سيبقى في الدوحة لمدة يومين، لمناقشة مقترح يتضمن الإفراج عن عشرة أسرى صهاينة مقابل وقف لإطلاق النار لمدة شهرين.
هذا السيناريو يعكس تغييرًا في نهج واشنطن، التي باتت ترى أن التهدئة الطويلة الأمد هي الحل الوحيد لتجنب المزيد من التصعيد في المنطقة.
أولويات حماس.. التهدئة والإغاثة وإعادة الإعمار
من جهتها، أكدت حركة حماس أنها التزمت بشكل كامل بالمرحلة الأولى من الاتفاق، مشددة على أن أولوياتها الحالية تتعلق بإغاثة الفلسطينيين في غزة، وضمان وقف دائم لإطلاق النار، إلى جانب إعادة إعمار ما دمره العدوان الصهيوني المستمر منذ أشهر.
عبد اللطيف القانوع، المتحدث باسم الحركة، أوضح أن المفاوضات الأخيرة ارتكزت على عدة مطالب أساسية، من بينها انسحاب قوات الاحتلال بشكل كامل من قطاع غزة، ورفع الحصار، وبدء عملية إعادة الإعمار، إلى جانب تأمين الإغاثة العاجلة لمئات الآلاف من النازحين.
كما كشف القانوع أن حماس وافقت على المقترح المصري بإنشاء لجنة إسناد مجتمعي، بهدف تعزيز صمود الشعب الفلسطيني وتثبيته في أرضه، في خطوة تهدف إلى التصدي لمحاولات الاحتلال فرض واقع جديد في القطاع عبر الحصار والتجويع.
ضغوط أمريكية على الاحتلال الصهيوني.. وارتباك في تل أبيب
فيما تسير المفاوضات ببطء، فإن الإدارة الأمريكية تبدو مصممة على تحقيق اختراق في الملف، حيث أكد المبعوث الأمريكي للرهائن أن حماس قدمت مقترحًا لوقف إطلاق نار يمتد بين 5 و10 سنوات، وألا تتدخل الحركة عسكريًّا أو سياسيًّا خلال تلك الفترة، الأمر الذي وصفه المبعوث بأنه "اقتراح جيد".
وفي هذا السياق، ذكرت هيئة البث العبرية أن نتنياهو أبلغ وزراء حكومته خلال اجتماع "الكابينت" بأن أي محادثات أمريكية مع حماس ستكون بالتنسيق الكامل مع الاحتلال الصهيوني، وهو ما يتناقض مع التقارير التي أشارت إلى أن جزءًا من المفاوضات جرى دون علم مسبق من تل أبيب، مما زاد من حدة التوتر داخل الأوساط السياسية الصهيونية.
الاحتلال الصهيوني بين التفاوض والتصعيد.. ماذا بعد؟
يأتي هذا بينما تهدد سلطات الاحتلال باستئناف الحرب على غزة، إذ أعلن جيش الاحتلال عن خطط عسكرية لاستئناف القتال، إلى جانب قرارات بقطع الكهرباء وفرض مزيد من القيود على القطاع.
لكن حماس قللت من شأن هذه التهديدات، مؤكدة أن "الاحتلال جرب الحرب والحصار وفشل، ولا خيار أمامه سوى التفاوض".