كشفت مصر عن خطتها المكونة من 91 صفحة لمستقبل غزة خلال قمة استثنائية للجامعة العربية في القاهرة، لكنها لم تذكر حركة حماس نهائيًا.
تتضمن الخطة ميزانية قدرها 53 مليار دولار وجدولًا زمنيًا مدته خمس سنوات لإعادة إعمار القطاع الذي دمرته الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ 15 شهرًا.
كما ترسم رؤية للحكم في غزة بعد الحرب، حيث تقترح إدارة غير حزبية لمدة ستة أشهر تشرف عليها السلطة الفلسطينية، يليها عودة كاملة للسلطة إلى غزة.
في حين رأى البعض في الخطة استبعادًا لحماس، فإن الحركة لا تزال لاعبًا أساسيًا في مستقبل القطاع؛ إذ قال قصي حامد، الخبير في شؤون حماس وأستاذ في جامعة القدس المفتوحة، إن "أحدًا لن يحكم غزة دون موافقة حماس".
وأضاف أن ذلك لا يعني بالضرورة أن الحركة ستكون جزءًا من الإدارة المستقبلية، لكنها لن تكون غائبة عن المشهد.
موقف حماس وسلاحها "المقدس"
رغم غياب ذكرها في الوثيقة، رحبت حماس بالخطة ودعت إلى تنفيذها، مؤكدة أنها ليست معنية بالمشاركة في أي هيكل إداري لغزة ما بعد الحرب.
ويرى حامد أن حماس لطالما ركزت على العمل العسكري أكثر من السياسي، لذا قد توافق على تقليص دورها في إدارة القطاع، لكنها لن تتخلى عن سلاحها.
تشير الخطة المصرية إلى ضرورة التعامل مع تعدد الفصائل المسلحة الفلسطينية، لكنها تربط إنهاء هذا الوضع بوجود أفق سياسي واضح يضمن الحقوق الفلسطينية. ويفهم من هذا أن الخطة لا تطالب بنزع سلاح حماس، خاصة في ظل غياب أي التزام إسرائيلي بإنهاء الاحتلال أو تحقيق حل الدولتين.
الدور المصري والمجتمع الدولي
تتضمن الخطة مقترحات لتدريب قوات فلسطينية على يد مصر والأردن، مع احتمال نشر قوات حفظ سلام دولية في غزة والضفة الغربية.
لكن وفقًا لحامد، فإن أي قوة بديلة – سواء كانت السلطة الفلسطينية أو قوات عربية أو دولية – لن تتمكن من حكم غزة دون اتفاق حقيقي مع حماس.
وفيما يتعلق بالدور المصري، ترى أنيل شيلين، المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية الأمريكية، أن القاهرة قدمت رؤية دقيقة تربط العنف المستمر بالاحتلال الإسرائيلي.
لكنها تشير إلى أن استمرار الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل يجعل إنهاء الاحتلال أمرًا غير وارد، ما يبقي حماس أو أي جماعة مشابهة لاعبًا رئيسيًا.
التحديات أمام السلطة الفلسطينية
لعودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، يجب أن تحظى بشرعية شعبية، وهو أمر مشكوك فيه حاليًا.
إذ يعاني الرئيس محمود عباس من تراجع شعبيته، ويعتبر كثيرون أن السلطة تعمل كأداة إسرائيلية لإدارة الاحتلال في الضفة الغربية.
يقول المحلل أندرياس كريج، إن عباس قد يضطر إلى إجراء انتخابات تشمل جميع الأراضي الفلسطينية، ما قد يدفع حماس إلى إعادة تشكيل نفسها سياسيًا تحت اسم جديد.
ويشير إلى أن الناخبين في غزة قد يبحثون عن بديل لحركة فتح بدلًا من منحها السيطرة الكاملة مجددًا.
وفي محاولة لاستعادة وحدة حركة فتح، أعلن عباس هذا الأسبوع عفوًا عن أعضاء سابقين، ما اعتبره البعض خطوة نحو عودة محمد دحلان، القيادي المنفي والمستشار الحالي لرئيس الإمارات.
لكن كريج يرى أن دحلان يفتقر للدعم الشعبي داخل غزة بعد سنوات من التقارب مع أبوظبي.
في المقابل، يُنظر إلى مروان البرغوثي، القائد الفتحاوي المسجون في إسرائيل، كشخصية قادرة على توحيد الفلسطينيين في غزة والضفة.
ويحظى البرغوثي بدعم واسع داخل حماس والجهاد الإسلامي وأجزاء من فتح، إلا أن إسرائيل لا ترغب في صعود زعيم فلسطيني قوي، مفضلة استمرار حكم عباس، الذي يتعرض لانتقادات بسبب الفساد وضعف الأداء السياسي.
حماس: تتحكم دون أن تحكم
يبدو أن حماس، رغم موافقتها على خطة إعادة الإعمار، ليست مستعدة للتخلي عن السيطرة الكاملة على غزة. فكما يوضح حامد: "حماس تريد أن تتحكم في غزة، لكنها لا تريد أن تحكمها".
هذا السيناريو ليس جديدًا؛ فقد بقيت حماس مسلحة في غزة لسنوات، حتى عندما كانت فتح تدير القطاع قبل عام 2007.
ورغم الحديث عن مستقبل غزة، يبقى الواقع على الأرض أن أي حل لن يكون ممكنًا دون اتفاق مع حماس، خاصة فيما يتعلق بسلاح جناحها العسكري، الذي تعتبره "خطًا أحمر".
https://www.middleeasteye.net/news/what-does-egypts-post-war-gaza-plan-mean-hamas