عندما أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب خطته الخاصة بغزة، غرق العالم في تحليلات سياسية واستراتيجية حول مدى إمكانية تنفيذها وتأثيرها على استقرار المنطقة. دار الجدل حول ما إذا كانت الدول المجاورة، مثل مصر والأردن، ستقبل اللاجئين الفلسطينيين، وكأن الفلسطينيين ليسوا بشرًا لهم حقوق، بل مجرد أزمة يجب التعامل معها.

وسط هذا النقاش، كان هناك أمر صادم: لم يكن هناك غضب عالمي واسع من الفكرة ذاتها، أي تهجير الفلسطينيين قسريًا. لم يُطرح السؤال حول مدى عدالة اقتلاع شعب من أرضه، بل كان التركيز على الجوانب اللوجستية لتنفيذ الخطة.

بدلاً من إدانة المبدأ، كان النقاش يدور حول ما إذا كان يمكن استيعاب الفلسطينيين في مكان آخر، أو حتى إذا كان ينبغي استيعابهم من الأساس.

 

فلسطينيون بلا صوت في تقرير مصيرهم

الطريقة التي تم بها تحليل الخطة تعكس حقيقة مؤلمة: الفلسطينيون يُنظر إليهم كمشكلة يجب حلها، وليس كشعب له تاريخ وحقوق. لا أحد يناقش الاحتلال الإسرائيلي باعتباره سبب المشكلة، بل يتم تقديم الفلسطينيين أنفسهم كمصدر عدم الاستقرار. هذا التجاهل لحقوقهم يعكس رؤية ترى وجودهم نفسه عقبة أمام تحقيق السلام.

في كل مرة يسمع فيها الفلسطينيون على شاشات التلفزيون أن "لا أحد يريدهم – لا مصر، لا الأردن، لا أي مكان آخر"، فإن ذلك يشكل عبئًا نفسيًا هائلًا. ماذا يعني أن يُقال لشعب بأكمله إنه غير مرغوب فيه؟ كيف يؤثر ذلك على إحساسه بذاته؟

إن الحديث عن الفلسطينيين بهذه الطريقة يحطم شيئًا أساسيًا في هويتهم، ويجعلهم يتساءلون عما إذا كانوا حقًا المشكلة، وما إذا كان لهم مكان في هذا العالم.

 

تشابه مع معاناة اليهود في أوروبا

يثير هذا مقارنة تاريخية حساسة، تستعرض كيف عاملت أوروبا اليهود في أوروبا قبل وأثناء الهولوكوست. على مدار قرون، تم تصويرهم كمشكلة يجب التعامل معها، وواجهوا التهميش والاضطهاد حتى وصلت الأمور إلى الإبادة الجماعية: هل يعيد التاريخ نفسه؟

الفلسطينيين يُعاملون بنفس الطريقة، حيث يتم تصوير تهجيرهم كأمر حتمي، ويتم اعتبار مقاومتهم إرهابًا، بينما يتم تبرير مأساتهم وكأنها جزء من "تكلفة السلام". هذه النظرة تجعل معاناتهم تبدو غير ذات أهمية على المسرح العالمي، مما قد يؤدي إلى عواقب أكثر خطورة في المستقبل.

 

ذروة نزع الإنسانية

عندما يصل نزع إنسانية شعب ما إلى ذروته، يصبح التخلص منه أمرًا يمكن تبريره بسهولة. يصبح قتله غير صادم، وتهجيره غير مثير للاعتراض، وإبادته لا تستدعي استنفار الضمير العالمي.

الفلسطينيين قد وصلوا بالفعل إلى هذه المرحلة، حيث يتم التعامل مع معاناتهم ببرود، دون أي رد فعل حقيقي من المجتمع الدولي.

 

الصمت الدولي والخوف من المستقبل

إذا استمر العالم في الصمت، فقد يأتي يوم يستيقظ فيه ليجد الفلسطينيين قد اختفوا، وعندها سيتساءل كيف حدث ذلك. لكن سيكون الأوان قد فات.

هذه ليست قضية أرقام أو لوجستيات، بل قضية عدالة وحقوق إنسان. الفلسطينيون ليسوا مجرد أزمة سياسية تحتاج إلى حل، بل هم شعب له تاريخ وأرض وحياة. ومع ذلك، لا يزالون مضطرين لإثبات أنهم يستحقون العيش بكرامة، بينما يتناقش العالم حول مصيرهم وكأنهم غير موجودين.

https://www.middleeasteye.net/opinion/trump-ethnic-cleansing-plan-palestinians-problem-to-solve-like-jews-1930s