مع الإعلان الذي طال انتظاره عن وقف إطلاق النار في غزة يوم الأربعاء، احتفل الفلسطينيون النازحون وعبروا عن مشاعر الارتياح والخوف في الوقت نفسه، على أمل أن يصمد هذا الاتفاق.

قالت شروق شاهين، الصحفية الفلسطينية من دير البلح، لموقع ميدل إيست آي: "أشعر بمشاعر متناقضة للغاية، نشعر وكأننا نحبس أنفاسنا".

وأضافت: "كانت هناك جولات عديدة من المفاوضات التي كانت تنتهي بالفشل بسبب شروط من الأطراف المتفاوضة، وكنا نسقط في اليأس بعد أن نشعر بالأمل. لكن هذه المرة، نشعر أن هناك جدية في المفاوضات، ونلاحظ ضغطًا دوليًا على جميع الأطراف، لذلك نحن نتجه على الأرجح نحو وقف إطلاق نار فعلي".

سيدخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ على ثلاث مراحل، بدءًا من 19 يناير، مما سيمكن العديد من الفلسطينيين النازحين من العودة إلى مدنهم وقراهم. كما من المتوقع أن يجلب المساعدات الإنسانية التي هم في أمسّ الحاجة إليها، ويسمح للجرحى بتلقي العلاج في الخارج.

قالت شاهين: "نحن متحمسون لأن نتمكن من التنفس بشكل طبيعي، متحمسون لأن ننام دون صوت الطائرات الحربية، دون قصف وضربات."

وأضافت: "ولأنني صحفية، فأنا متحمسة لأن أعيش صباحًا داخل مستشفى دون رؤية الشهداء، دون لحظات الوداع والفراق بين أهالي الشهداء، ودون ألم الجرحى الذين أصيبوا بغارات إسرائيلية على غزة."

 

"لن يعوض شيء خسارتنا"

إيهاب عبد العزيز، فلسطيني يبلغ من العمر 27 عامًا من بيت لاهيا، نزح إلى دير البلح، تحدث عن مشاعر مختلطة من الفرح والحزن.

وأضاف: "أول شيء سنفعله هو تقديم العزاء لأولئك الذين فقدوا أحباءهم، ومحاولة استعادة جثث أقاربنا المدفونين تحت الأنقاض. لقد فقدت العديد من أبناء عمي وأصدقائي. قد يعاد بناء المباني، لكن الأشخاص الذين فقدناهم لن يعودوا أبدًا."

وتابع: "أشكر الله على سلامتنا، وأدعو للخير للجميع، خاصةً لأهل غزة. نحن متحمسون للعودة إلى شمال غزة ولمّ الشمل مع من بقوا هناك وينتظرون عودتنا."

لكن وسط هذه المشاعر، لم يستطع التغلب على الحزن: "لا أستطيع وصف مدى سعادتي لكوني ما زلت على قيد الحياة، لكن في الوقت نفسه، أشعر بحزن عميق على أصدقائي الذين قتلوا. لا شيء يمكن أن يعوض خسارتهم."

 

"الحياة ستبدأ من جديد"

بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، قتلت الحرب الإسرائيلية أكثر من 46.000 فلسطيني، لكن الخبراء يعتقدون أن العدد الفعلي قد يكون أعلى بكثير، خاصة مع تدمير النظام الصحي في غزة، مما جعل من الصعب توثيق جميع الضحايا، بالإضافة إلى وجود آلاف الجثث التي لا تزال تحت الأنقاض.

وائل، الذي اكتفى بذكر اسمه الأول، غادر مدينة رفح جنوبًا إلى دير البلح قبيل إعلان وقف إطلاق النار. وأعرب عن أمله في أن تستعيد غزة حياتها الطبيعية.

قال وائل: "اليوم، بمجرد الإعلان الرسمي عن وقف إطلاق النار وتطبيقه في غزة، ستبدأ الحياة من جديد رغم الصعوبات، رغم فقدان الشهداء والأحبة والأصدقاء والأقارب والجرحى".

وأضاف: "لقد فقدنا أصدقاءنا وأحباءنا. أخي فقد ساقيه، وابنتي الصغيرة أصيبت في عينها."

ورغم كل هذه الخسائر، لا يزال متفائلًا بمستقبل شعبه: "نحن كشعب فلسطيني عانينا الاحتلال لأكثر من 70 عامًا، تعودنا على هذه التضحيات، وتعودنا على النهوض من جديد رغم القتل والخسائر. بعد كل هذه التضحيات، سيقف شعبنا على قدميه من جديد ليشكل حياته من جديد – حتى زوال الاحتلال".

 

"غزة ستعود أجمل مما كانت"

في خان يونس جنوب غزة، أعرب أحمد المحسن عن رغبته في العودة إلى رفح.

قال: "سواء كان منزلي مدمّرًا أم لا، المهم أن نعود، بعيدًا عن الحرب. لا يوجد مكان يشبه الوطن."

لكن شاهين ترى أن الاحتفال بوقف إطلاق النار أمر صعب: "الشعب الغزي شعب عاطفي. ربما سيحتفل البعض بوقف إطلاق النار، لكنني شخصيًا لن أفعل ذلك، احترامًا للشهداء."

وأضافت: "وقف إطلاق النار هو حق للشعب الفلسطيني، وكان من واجب كل دولة الضغط على إسرائيل للوصول إليه. لكن للأسف، دعمت الدول إسرائيل بكل أنواع الأسلحة التي أُلقيت علينا، وكانت سببًا في قتلنا وإبادتنا. احتفالنا الوحيد سيكون عندما نعود إلى الشمال، إلى عائلاتنا."

أما وائل، فكان حلمه بسيطًا: "نأمل في العودة إلى الحياة الطبيعية، أن يعود أطفالنا إلى المدارس، أن تعود مستشفياتنا للعمل، أن يتمكن الناس من التنقل والسفر، وأن يحصل جرحانا على العلاج."

وأضاف: "نأمل أن يكون هذا بداية تحرير أرضنا بالكامل".

أما المحسن، فأكد أن غزة ستعود "أجمل مما كانت، لكن الأمر سيستغرق وقتًا طويلًا".

في إطار وقف إطلاق النار، من المتوقع أن يتم تبادل الدفعة الأولى من الأسرى الإسرائيليين مقابل السجناء الفلسطينيين، ويأمل الوسطاء في أن تنجح المرحلة الأولى التي تستمر 42 يومًا في جعل وقف إطلاق النار دائمًا.

وأردف المحسن: "لا نريد عودة الحرب. لقد خسرنا الكثير، وعانينا كثيرًا. لم نشعر بأننا أحياء منذ عام ونصف".

ورغم كل ما حدث، يشعر بالفخر بصمود غزة: "غزة ستبقى اسمًا للعالم أجمع. اسمًا للتغيير. اسمًا لكل ما يتعلق بالكفاح والمقاومة."

https://www.middleeasteye.net/news/life-will-start-again-palestinians-gaza-react-ceasefire-announcement