تتسارع التطورات السياسية في الشرق الأوسط مع اقتراب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الاحتلال الصهيوني وحركة المقاومة الإسلامية حماس في قطاع غزة.
تأتي هذه التحركات وسط تفاؤل دولي غير مسبوق ومخاوف متزايدة من تعقيدات المرحلة الثالثة من الاتفاق.
في الوقت الذي تستعد فيه الإدارة الأمريكية بقيادة جو بايدن لتسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب دونالد ترامب، يبدو أن المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني أقرب من أي وقت مضى لإبرام صفقة تاريخية.
 

دوافع الصفقة وأسباب التفاؤل
   
وفقًا لمهند مصطفى، الأكاديمي والخبير بالشؤون الإسرائيلية، فإن الصفقة تعكس ديناميكية سياسية جديدة داخل الكيان الصهيوني، حيث يسعى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى تعزيز موقفه السياسي وحماية حكومته اليمينية من الانهيار.
وأرجع مصطفى تأخر نتنياهو في الموافقة على الصفقة إلى انتظاره عودة ترامب إلى البيت الأبيض، إلى جانب الضغط المتزايد من المجتمع الاستيطاني الصهيوني لإنهاء الحرب.

   على الصعيد الدولي، تكثف قطر والولايات المتحدة جهود الوساطة، فقد ناقش أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس الأميركي جو بايدن تطورات المفاوضات في اتصال هاتفي، واتفقا على التنسيق لضمان نجاح الصفقة.
كما أجرى أمير قطر لقاءات مع وفود من حركة حماس والمسؤولين الأمريكيين لمناقشة آخر المستجدات.
 

تفاصيل الاتفاق والمراحل التنفيذية
كشفت تقارير إعلامية عن ملامح الصفقة التي تشمل ثلاث مراحل رئيسية:

المرحلة الأولى:
إطلاق سراح 33 أسيرًا صهيونيًا مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين.
انسحاب تدريجي لقوات الاحتلال من غزة مع الحفاظ على مناطق أمنية محددة.
تقديم مساعدات إنسانية مكثفة لقطاع غزة.

المرحلة الثانية:
استكمال تبادل الأسرى والجثامين.
تعزيز الترتيبات الأمنية في المناطق الحدودية.

المرحلة الثالثة:
تحديد مستقبل قطاع غزة السياسي.
مناقشة إدارة القطاع بما يضمن عدم عودة حماس أو السلطة الفلسطينية كقوة حاكمة منفردة.
 

مخاطر المرحلة الثالثة
يرى المحللون أن المرحلة الثالثة تمثل تحديًا كبيرًا، حيث وصفها مصطفى بأنها "لغم قابل للانفجار"؛ يبرز هذا التحدي في:

  • رفض الاحتلال الصهيوني عودة حماس أو السلطة الفلسطينية لإدارة غزة.
  • الحاجة إلى توافق فلسطيني داخلي وضمانات دولية لمنع استغلال الاحتلال الصهيوني للوضع.

بدوره، شدد المحلل السياسي أحمد الحيلة على ضرورة وجود ضامن دولي لوقف الحرب بشكل دائم، وأشار إلى إشارات إيجابية تتعلق ببيان الديوان الأميري القطري حول هدنة طويلة الأمد.
 

الدور الأمريكي
   أكد الرئيس بايدن أن إدارته تعمل بشكل عاجل لإتمام الصفقة قبل نهاية ولايته، وأشار مستشاره للأمن القومي جايك سوليفان إلى أن الاتفاق قد يتحقق خلال أيام.
ومن جانبه، أوضح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن الجانبين أقرب إلى التوصل إلى اتفاق من أي وقت مضى.

الرئيس المنتخب دونالد ترامب أعرب أيضًا عن تفاؤله بشأن الاتفاق، مشيرًا إلى أن إبرام الصفقة قد يتم قبل تنصيبه.
وأضاف ترامب في مقابلة أن الأطراف المعنية "عليها إنجاز الصفقة لتجنب مشاكل أكبر في المستقبل".
 

المعارضة الداخلية في الكيان الصهيوني
   
تواجه الصفقة انتقادات حادة من داخل الكيان الصهيوني، حيث وصف وزير الأمن القومي للاحتلال إيتمار بن غفير الاتفاق بأنه "صفقة استسلام".
وحث بن غفير وزير المالية بتسلئيل سموتريتش على الاستقالة إذا أُبرمت الصفقة، معتبرًا أن الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين سيشكل خطرًا على الأمن القومي للاحتلال.

في المقابل، يحاول نتنياهو إقناع معارضيه داخل الحكومة بضرورة دعم الصفقة، مشيرًا إلى أن استمرار الحرب قد يؤدي إلى مزيد من الاستنزاف السياسي والعسكري.
 

ردود الفعل الدولية
   تشير وسائل إعلام الاحتلال إلى أن الوساطة الأمريكية-القطرية حققت تقدمًا كبيرًا في مفاوضات الدوحة، حيث استلمت الأطراف مسودة نهائية للاتفاق.
ومن المتوقع أن تعقد جولة نهائية من المحادثات لوضع اللمسات الأخيرة على الصفقة.

وأكد وزير خارجية الاحتلال الصهيوني جدعون ساعر أن هناك تقدمًا ملموسًا، معربًا عن شكره للوسطاء الدوليين.
فيما أشارت مصر، التي تشارك في الجهود، إلى أن المسودة تهدف إلى حل القضايا العالقة دون المساس بأمن المنطقة.