رصدت دراسة بعنوان "العملية العسكرية الإسرائيلية علي الضفة الغربية: الأهداف والتداعيات" 5 نتائج واستنتاجات من العملية العسكرية الموسعة لجيش الاحتلال في الضفة الغربية.

وخلصت الدراسة التي نشرها موقع "الشارع السياسي" إلى أن المقاومة المسلحة تظل هي العائق الأبرز أمام عمليات الكيان الصهيوني العسكرية في الضفة الغربية رغم قلة امكانياتها وحصرها إلى حد بعيد في الشمال دون الوسط والجنوب.

العائق الأبرز

وقالت إنه لا تزال المقاومة المسلحة العائق الأبرز أمام تحقيق هذه الأهداف الإسرائيلية، علي الرغم من قلة إمكانياتها ومواردها التسليحية، وحصرها في شمال الضفة دون وجود فعال لها في الوسط والجنوب، بفضل العمليات العسكرية الإسرائيلية والملاحقات الأمنية من قبل السلطة الفلسطينية.

شعبية تتزايد

النتيجة الثانية أن ".. شعبية المقاومة عمومًا وحماس خصوصًا تتزايد بصورة كبيرة في الضفة الغربية، خاصة في صفوف الشباب، حيث تُعتبر معيدة للكرامة الفلسطينية من خلال حربها ضد إسرائيل. وتجدر الإشارة إلى أن سكان مخيمات اللاجئين وطلاب الجامعات هم الأكثر استعدادًا للانضمام إلى الحركة كمقاتلين في صفوفها. في حين تقتصر مساعدة غالبية الجمهور الفلسطيني في الضفة علي الدعم اللوجستي مثل إخفاء الأشخاص المطلوبين، أو التبرع بالأموال".

الانتفاضة الشعبية

واستبعدت الدراسة "اندلاع انتفاضة شعبية لعدة أسباب، أهمها حالة الاستنزاف التي يعاني منها المجتمع الفلسطيني، والتي تمنعه من خوض مواجهة شاملة مع إسرائيل بعد عشرة أشهر من الحرب في غزة، والتي قدمت مثالًا لمصير الضفة الغربية في حال اندلاع مواجهات شاملة، وبخاصة أن إسرائيل لن تتوانى عن نقل نموذج التدمير الواسع لمدن قطاع غزة إلى الضفة الغربية".


ومن مثبطات الانتفاضة رأت الدراسة أن أجهزة السلطة الفلسطينية الأمنية لها دور في منع اندلاع مثل هذه الانتفاضة، وللتذكير فإن انتفاضة عام 2000 كانت مدعومة من السلطة الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات، فضلًا عن أن انتفاضة عام 1987 كانت مسنودة من منظمة التحرير الفلسطينية".


وأشارت إلى أن معوقات الانتفاضة "..أن إسرائيل تغيرت بعد السابع من أكتوبر، وسيكون ردها أشد مما كان عليه عام 2000. كما أن ما حصل في قطاع غزة لم يؤد إلى تحرك إقليمي ودولي جدي لوقف عمليات الإبادة في القطاع، والتخوف أن الانتفاضة الواسعة لن تجلب مصالح سياسية فلسطينية في ظل غياب الضغط على إسرائيل وفرض حلول سياسية عليها.

السحب الاقتصادي

وعن الضغط الاقتصادي على فلسطينيي الضفة الغربية لاسيما العمال منهم الذين يتجهون إلى داخل الكيان، فقالت الدراسة  "بجانب استمرار إسرائيل في شن عمليات عسكرية موسعة بين الفينة والأخرى من أجل استئصال المقاومة في الضفة، فمن المتوقع أن تتجه إلي تشديد التعامل الأمني مع دخول العمال الفلسطينيين إلي إسرائيل، خاصة الذين يدخلون بشكل غير قانوني، فوفقًا للسلطات الإسرائيلية، كان آخر تعداد يومي حوالي 40,000.

ورأت الدراسة أنه الكيان سيتجه لاغلاق "معظم الفجوات التي يتسللون من خلالها" وأن غلاف القدس مرشح لسرعة "استكمال الحاجز الأمني، سواء من خلال البناء السريع أو من خلال نقل القوات إلى هناك من مواقع أخرى".

وأشارت إلى أن الكيان سيتراجع ربما عن حجب عائدات الضرائب عن السلطة الفلسطينية – سواء بصورة كلية أو جزئية – لتشجعيها للقيام بمهامها الأمنية في ملاحقة المقاومة.

وخلصت في هذا النقطة إلى أن "إسرائيل" قد تعمل علي تشجيع الاستثمار الاقتصادي الإقليمي في الضفة الغربية من قبل دول مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية؛ لجعل الفلسطينيين ينشغلون بأحوالهم المعيشية والاقتصادية بدرجة أكبر من تركيزهم علي قضية التحرير والمقاومة.


سيطرة وتحكم

الهدف الأبرز للصهاينة من خلف عمليتها العسكرية الموسعة في الضفة الغربية هو بحسب الدراسة(إعادة السيطرة والتحكم).

وهنا قالت إن الأهداف العملية من السيطرة والتحكم هو "ضرب الحاضنة الشعبية وإضعافها ودفع الفلسطينيين إلى الهجرة الطوعية".

ولفتت إلى أن الاحتلال يعتبر أن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين أنها تمثل خزانًا بشريًا يحافظ على التفوق الديموجرافي الفلسطيني بالضفة، نتيجة للبيئة التي تشكل بها المخيم، والروابط التي يتمتع بها سكانه، والتماسك المجتمعي فيه، وارتباطهم بحق العودة.

وأوضحت أن المخيمات تمثل عنوانًا ونموذجًا للحاضنة الشعبية الأكثر تمسكًا بالمبادئ والهوية الوطنية، التي تعزز مفهوم المقاومة، لذا يهدف الاحتلال الإسرائيلي من خلال عملية التدمير الممنهج للمخيمات، وتحويلها إلى أماكن غير قابلة للحياة، إلى دفع سكانها نحو الهجرة.

وأضافت أن الهجرة تسهم بتغيير الواقع الديموجرافي بالضفة. إما بعمليات نزوح داخلية، أو الدفع بهجرة طوعية إلى خارج فلسطين، وهذا ما عبرت عنه، وبشكل واضح، القيادات السياسية والعسكرية "الإسرائيلية" منذ اليوم الأول للعدوان، ويترجم من خلال ما تقوم به الجرافات من عمليات تدمير كاملة للبنية التحتية، ومن خلال عمليات إحراق المنازل ونهبها من قبل جنود الاحتلال. وهذا يتلاقى إلى حد بعيد مع ذات السياسة التي يتبعها الاحتلال في قطاع غزة.

من التحكم والسيطرة بحسب الورقة "إضعاف فرص إقامة الكيان السياسي الفلسطيني".

وأبانت أن نتنياهو وأقطاب حكومته اليمينية المتطرفة رفضوا إقامة كيان سياسي فلسطيني، أو السماح بتشكل نواة لبناء دولة فلسطينية مستقبلية، وقد عزز ذلك من خلال قتل عملية التسوية السياسية، وتحجيم مكانة السلطة الفلسطينية وأدوارها، والعمل على إضعافها بشكل متكامل، ابتداء من مصادرة أموال المقاصة، ووصولًا إلى سحب الصلاحيات، وتوج ذلك من خلال  قرار صدر بغالبية أصوات الكنيست الإسرائيلي يرفض قيام دولة فلسطينية في مايو2024، وتبعه بقرارات أخرى صادقت عليها حكومة الاحتلال بعد أن قدمها وزير المالية سموتريش، والتي تقضي بالسيطرة على الأراضي المصنفة (ب)، وتحويل مسؤولية إدارتها للإدارة المدنية التابعة للاحتلال.

 

وبذلك سعى الاحتلال إلى قتل الحلم الفلسطيني في إقامة كيان سياسي فلسطيني مهما كان شكله وحجمه، والآن يأتي العدوان العسكري على محافظات شمال الضفة ترجمة لهذه الخطوات، التي يمكن أن تنسحب على كامل محافظات الضفة. ويعتقد الاحتلال الإسرائيلي، وفي مقدمته تيار الصهيونية الدينية الذي يسيطر على مفاصل الحكم داخل الكيان، أن التوقيت الآن بات مناسبًا والفرصة مواتية، لفرض برنامجهم في ظل حالة الانسياق التام، والغطاء الذي توفره الولايات المتحدة، إلى جانب حالة الصمت والعجز العربي والإقليمي لما يحدث بحق الفلسطينيين.


هاجس صهيوني

الدراسة أشارت إلى بعد تاريخي في السيطرة والتحكم ظهر بعد عام 2022 وظهور المجموعات المقاومة تحت مسمى "الكتائب" أو "المجموعات" في شمال الضفة، وخشية الاحتلال من تطور هذه النماذج إلى حالة إلهام، قد تمتد وتتطور من عمل مقاوم بسيط يعتمد على الخبرة القليلة، إلى بنية متكاملة من شأنها أن ترفع نسبة التحدي والخسائر لدى الاحتلال، وبالتالي إمكانية إخراج الضفة عن سيطرة الاحتلال.

وأعادت إلى الأذهان الرغبة "الإسرائيلية" في إنهاء خطة فك الارتباط التي أقرها شارون في العام 2005، والتي تم بموجبها الانسحاب من قطاع غزة ومن عدد من مستوطنات شمال الضفة الغربية، إذ سارعت حكومة نتنياهو إلى إلغاء القانون، وعمل وزير جيش الاحتلال يوآف جالانت، على البدء بتطبيق قرار الحكومة الإسرائيلية، وهو ما يعني إمكانية عودة الاستيطان لمحافظات الشمال، وفرض السيطرة الأمنية والعسكرية بشكل أوسع. ووفقًا للمنظور الإسرائيلي، فإن تحقيق ذلك لن يكون سهلًا في ظل تحدي وجود مقاومة فلسطينية في هذه المناطق.

رعب المخيمات

إلا أنه ومع العملية العسكرية التي شنها الاحتلال في 28 أغسطس 2024، بشكل مكثف على 3 محافظات شمال الضفة الغربية ومخيمات اللاجئين فيها، شملت جنين ومخيمها، وطولكرم ومخيمي نور شمس وطولكرم، ومدينة طوباس ومخيم الفارعة، تحت عنوان القضاء على مجموعات المقاومة فيها. إلا أن العملية العسكرية، التي أطلق عليها الاحتلال اسم "المخيمات الصيفية" وصفتها المقاومة بـ "رعب المخيمات"، بأنها الأوسع والأكثر كثافة منذ عملية "السور الواقي" واجتياح الضفة عام 2002، إذ تشارك فيها فرقة عسكرية كاملة من جيش الاحتلال، وبغطاء كامل من وحدة المظليين والطائرات العسكرية والمسيرات، إضافة إلى الجرافات ووحدات خاصة من حرس الحدود والجيش.