كشف تقرير حديث صادر المؤسسة العربية  عن ارتفاع ملحوظ في معدلات الانتحار في الدول العربية، حيث سجلت مصر أرقامًا مقلقة تتصدر بها القائمة في العالم العربي. بين أبريل 2023 ومارس 2024، رصدت المؤسسة العربية 322 حالة انتحار في مصر، ما يضعها في الصدارة على مستوى الدول العربية في هذا الصدد. تأتي هذه الأرقام في وقت تتزايد فيه الضغوط الاجتماعية والاقتصادية في البلاد، مما يعكس صورة قاتمة عن الوضع الراهن.

تفاصيل التقرير والأرقام
وفقًا للتقرير، تم تسجيل 187 حالة انتحار بين أبريل وسبتمبر 2023، و135 حالة أخرى بين أكتوبر 2023 ومارس 2024. ويستند التقرير إلى بيانات تم جمعها من التناول الصحافي للتقارير الخاصة بالانتحار، وهو ما يعني أن الأرقام الفعلية قد تكون أعلى من ذلك بكثير. التقرير يشير إلى أن الأرقام التي تم رصدها تعكس فقط ما تم تغطيته إعلاميًا، بينما قد تكون الحالات الفعلية عدة آلاف سنويًا.

التوزيع الجغرافي لحالات الانتحار
رصد التقرير توزيع حالات الانتحار عبر المحافظات المصرية، حيث تصدرت محافظة الجيزة القائمة بـ71 حالة، تليها محافظة القاهرة بـ63 حالة. جاءت محافظة سوهاج في المركز الثالث بـ38 حالة، بينما تليها محافظة الدقهلية بـ28 حالة. تتوزع الحالات أيضًا على محافظات أخرى مثل الفيوم والمنوفية والمنيا والقليوبية، مع اختلافات في الأعداد والنسب المئوية.
الجدير بالذكر أن محافظات القاهرة الكبرى الثلاث (القاهرة، الجيزة، القليوبية) سجلت 145 حالة انتحار، مما يمثل 45% من إجمالي الحالات. بينما سجلت محافظات الوجه القبلي (الفيوم، المنيا، بني سويف، سوهاج، قنا، الأقصر، أسوان) 84 حالة، والتي تمثل 26% من إجمالي الحالات.

تصنيف الضحايا حسب الجنس والعمر
التقرير يبرز أيضًا تصنيف الضحايا حسب الجنس والعمر. الرجال يتصدرون القائمة بـ203 حالات، ما يعادل 63.78% من إجمالي الحالات، بينما بلغ عدد النساء 119 حالة، بنسبة 36.95%. في ما يخص الفئات العمرية، تصدرت الشريحة العمرية بين 21 و30 عامًا بـ115 حالة، تليها الشريحة العمرية حتى 18 عامًا بـ58 حالة.
وسائل الانتحار الأكثر شيوعًا
أشار التقرير إلى تنوع وسائل الانتحار، حيث كان الانتحار شنقًا هو الأكثر شيوعًا بـ134 حالة، يليه تناول مواد سامة أو مبيدات حشرية بـ88 حالة. القفز من الطوابق العالية جاء في المركز الثالث بـ50 حالة، بينما جاءت وسائل أخرى مثل الغرق في مجاري المياه والحرق وسلاح ناري في مراتب متقدمة.

الأسباب الرئيسية للانتحار
التقرير يسلط الضوء على الأسباب الرئيسية للانتحار في مصر، حيث تصدرت الأزمة النفسية بشكل عام، تليها الخلافات الأسرية والاكتئاب. أسباب أخرى تشمل المشاكل المالية، الفشل في الدراسة، الخلافات الزوجية، والضغوط الاقتصادية.

ردود الفعل والتوصيات
شريف هلالي، المدير التنفيذي للمؤسسة العربية، علق على تزايد حالات الانتحار بقوله إنه يبدو كاحتجاج غير مباشر ضد الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة. أشار إلى أن الأسباب الرئيسية تشمل التدهور الاقتصادي، الأعباء المالية، والخلافات الأسرية، مؤكداً على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة.
وأوصى هلالي بضرورة تحسين الرعاية النفسية، معالجة الأزمات الاقتصادية، وتعزيز التوعية حول الصحة النفسية. كما دعا إلى تعزيز برامج الدعم والمساعدة للأشخاص الذين يواجهون ضغوطًا اقتصادية أو اجتماعية، وتوفير آليات فعالة للتعامل مع الميول الانتحارية.

ختاما ؛ تقرير منظمة الصحة العالمية يعكس واقعًا مزريًا لحالة الصحة النفسية في مصر، ويكشف عن ارتفاع معدلات الانتحار بشكل مقلق. هذا الوضع يتطلب تحركًا عاجلاً من الحكومة والمجتمع الدولي لمواجهة الأزمة والتعامل معها بجدية لضمان تحسين الظروف المعيشية والنفسية للمواطنين.