ذكرت وسائل إعلام صهيونية أن إسرائيل ستفكر في شن ضربة استباقية لردع إيران إذا كشفت عن أدلة قاطعة على أن طهران تستعد لشن هجوم، وذلك بعد أن عقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اجتماعًا مع رؤساء أجهزة الأمن الإسرائيلية مساء الأحد الماضي.
ووفقًا لموقع "تايمز أوف إسرائيل"، فقد حضر الاجتماع وزير الدفاع يوآف غالانت، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي اللفتنانت جنرال هرتسي هليفي، ورئيس الموساد دافيد برنياع، ورئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) رونين بار، وسط استعدادات لهجمات متوقعة على إسرائيل من قبل إيران وحليفها اللبناني حزب الله.
يأتي التقييم بأن إيران من المرجح أن تقوم إسرائيل بتوجيه ضربة استباقية في الأيام أو الأسابيع المقبلة في أعقاب اغتيال القائد العسكري لحزب الله فؤاد شكر في بيروت ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران الأسبوع الماضي، لا سيما مع مرور خمسة أيام على حادثة الاغتيال.
وتشير التقارير إلى أن إسرائيل ليست على يقين مما يمكن أن تتوقعه من إيران ووكلائها، ولذلك فهي تناقش مجموعة واسعة من الخيارات حول أفضل السبل للرد على هجوم متوقع أو منعه.
وأفاد موقع “واينت” أنه خلال اللقاء مع نتنياهو، تمت مناقشة خيار ضرب إيران كإجراء رادع، إلا أن مسؤولين أمنيين أكدوا على أنه ستتم المصادقة على مثل هذه الخطوة فقط إذا تلقت إسرائيل معلومات استخباراتية قاطعة تؤكد أن طهران على وشك شن هجوم خاص بها.
وقال التقرير إن اسرائيل ستحتاج إلى معلومات استخباراتية خاصة بها بشأن هذه القضية لتتوافق مع المعلومات الاستخباراتية الأمريكية بشأن هذه المسألة، وحتى لو تطابقت المعلومات، فقد تختار تجنب السير في طريق الضربة الاستباقية.
ومثل إسرائيل، أفاد تقرير يوم الأحد أن الولايات المتحدة غير متأكدة من الشكل الذي قد يبدو عليه الهجوم الإيراني، لأنها تعتقد أن طهران لم تتوصل بعد إلى قرار نهائي ومن غير المرجح أن تكون قد أنهت التنسيق مع وكلائها.
بالإضافة إلى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة والذي بدأ يتشكل في الأيام الأخيرة لإحباط أي هجمات، ذكرت تقارير أن مسؤولين يعتقدون أن إسرائيل تتمتع بميزة أخرى في ترسانتها، والتي لم تكن تمتلكها عندما هاجمت إيران سابقًا في 13 من إبريل، وهي المعرفة المسبقة.
احتمال ضعيف
وتباينت رؤى محللين سياسيين حول إمكانية هذه الخطوة، وسط إجماع على أن طول مدة الانتظار للضربة الإيرانية قد يدفع الاحتلال إلى التفكير بها، بهدف تهدئة القلق الداخلي لدى القيادة العسكرية والسياسية والاستيطانية "الإسرائيلية".
فلا يمكن لسلطات الاحتلال أن تقدم على ضربة استباقية في ظل الوضع الراهن يقول المحلل السياسي جواد العناني، منوهًا إلى أن أي خطوة من هذا النوع ستُحمّل الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية إشعال حرب إقليمية، خاصةً مع الاعتقاد العالمي السائد بأن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يرغب بالدخول في حرب مستعرة وتوريط العالم بها.
أما الكاتب والمحلل السياسي حازم عيّاد، فيرى أن الاحتلال قد يوجه ضربة استباقية في حال استمرار حالة الترقب والانتظار هذه، واصفًا التوجه لهذه الخطوة بغير المدروسة وتعكس الحالة النفسية التي يعيشها المجتمع "الإسرائيلي"، وفقًا لصحيفة "السبيل".
ويواصل أنه "إذا شعر الاحتلال أن الضربة الاستباقية ستمتد لأسابيع فقد يفقد الاحتلال أعصابه ويتجه نحو ضربة استباقية، هذا احتمال وارد في إطار هذا السيناريو".
ويقف أمام الهجمات الاستباقية بحسب عيّاد، عائق الموقف الأمريكي الذي لا يريد تصعيدًا في المنطقة، لأن أي ضربة استباقية ستعطي إيران وحزب الله مشروعية لتوسيع الضربات.
ولا تأتي هذه التساؤلات من الفراغ، فقد قالت وسائل إعلام عبرية يوم الأحد الماضي إن الاحتلال الإسرائيلي يدرس تنفيذ ضربة استباقية "وقائية" ضد إيران، إذا حصلت على أدلة قاطعة تفيد بأن الأخيرة تخطط لشن هجوم عليها.
وقد وجّه الاحتلال بالفعل صباح اليوم الثلاثاء غارةً على جنوب لبنان أدت إلى استشهاد 4 أشخاص، ما أثار الظنون ببدء الهجوم الإيراني، إلا أن الرد اللبناني جاء سريعًا وحاسمًا فقد أعلنت حركة "حزب الله" شن هجوم بسرب من المسيّرات الانقضاضية استهدف مقر قيادة لواء غولاني ووحدة إيغوز بمدينة عكا، ما دفع الاحتلال إلى نفي الاعتقاد بأن الهجوم بداية للرد الإيراني.
تحركات دبلوماسية متعددة
وخلال الأيام الماضية لم تتوقف التحركات الدبلوماسية بين كافة الأطراف لبحث تداعيات الضربة الإيرانية، ففي الأردن جرى اتصال هاتفي بين الملك عبد الله الثاني والرئيس الأمريكي جو بايدن، ولقائه بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبحث وقف التصعيد في المنطقة، فضلًا عن توجه وزير الخارجية أيمن الصفدي إلى طهران ولقائه نظيره الإيراني.
ونقلًا عن صحيفة "نيويورك تايمز" فإن إيران بدأت استلام أجهزة رادار متطورة ومعدات دفاع جوي من روسيا، بالتزامن مع وصول الأمين العام لمجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو إلى طهران لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين الإيرانيين.
إضافة إلى وصول قائد القيادة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط الجنرال مايكل كوريلا إلى "تل أبيب" أمس لتقييم الوضع الأمني.
ويرى العناني في هذه التحركات هدفين: الأول إما وقف الضربة الإيرانية في مقابل وقف الحرب على قطاع غزة، أو الاتفاق على جعل الضربة الإيرانية محدودة كما في سابقتها التي وقعت في إبريل، حيث وجهت إيران 320 طائرة مسيرة ولم تسفر عن أي تداعيات أو اغتيالات.
من جانبه، يتفق الكاتب والمحلل السياسي حازم عيّاد مع العناني في أهداف التحركات الدبلوماسية، ويضيف بأنها تتعلق بمحاولة أميركا ترتيب أوراقها سواء الدبلوماسية أو العسكرية في سياق الضربة الإيرانية المتوقعة، مبينًا "يبدو أن أمريكا تواجه بعض الصعوبات في تفعيل منظومتها الأمنية وقواعدها العسكرية في مناطق الإقليم نتيجة حالة التوتر والقلق السائدة وممانعة بعض الأطراف من التورط في حرب شاملة".
ويرى عيّاد أن التحركات الدبلوماسية لا بد أن توجه نحو الاحتلال الاسرائيلي الذي يتحمل مسؤولية هذا التصعيد، مبينًا أن التوجه نحو حرب إقليمية يرتبط برد الاحتلال على الضربة الإيرانية المتوقعة ما يعني أنه المعني بضبط النفس.
ويؤكد عيّاد أن أمريكا والاحتلال لم يقدما أثمانًا حقيقة لطهران من أجل وقف الضربة المتوقعة كوقف العدوان على قطاع غزة؛ والذي يعد شرطًا أساسيًا لحركة حزب الله اللبنانية من أجل وقف التصعيد.
أي حرب إقليمية تصرف النظر عن غزة:
ويؤكد د. جواد العناني أن أي توجه لحرب إقليمية سيصرف أنظار العالم عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ما يعطي الضوء الأخضر للاحتلال بالتنكيل بأبناء الضفة الغربية وقطاع غزة دون أي اهتمام دولي.