تتعدد أهداف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من اغتيال رئيس المكتب السياسي لـحركة المقاومة الإسلامية "حماس" إسماعيل هنية، أثناء زيارة لطهران، وقتل الزعيم العسكري لـ “حزب الله”، فؤاد شكر في بيروت؛ خدمة لمصالحه الداخلية، ولتقوية مصالح إسرائيل، وفقًا المدير السابق لفرع المخابرات الخارجية البريطاني (أم أي6) جون سوارز.
وأشار سوارز في مقال نشرته صحيفة “فايننشال تايمز”، إلى أن الأزمة التي تتكشف في الشرق الأوسط هي مزيج من إستراتيجية عالية وتركيز أقل على السياسة.
أهداف نتنياهو من اغتيال هنية
واستعادت إسرائيل المبادرة، على الأقل الآن، وبعد 10 أشهر كارثية من الحرب في غزة، وأظهرت ملامح قوتها؛ فقد كشف نتنياهو عن أولوياته وإستراتيجيته، فهو مستعد لتصعيد التوتر في المنطقة بدلًا من التهدئة، وهو يرى أن هناك فرصة لتقوية مصالح إسرائيل على المدى البعيد، وترسيخ مكانته السياسية، وحشر إدارة بايدن في زاوية سياسية ضيقة، ومساعدة دونالد ترامب بالعودة إلى البيت الأبيض.
وكشف استشهاد هنية عن عدم اهتمام نتنياهو بصفقة وقف إطلاق النار مقابل تحرير الأسرى لدى “حماس”. وقد أسرتهم الأخيرة في 7 أكتوبر الماضي. ونتنياهو لا يريد التضحية بهم، ولكن الإفراج عنهم ليس جزءًا رئيسًا من إستراتيجيته، فقد رفض عددًا من مقترحات وقف إطلاق النار، والتي وافق عليها مسؤولو الأجهزة الأمنية.
وكان هنية الوسيط الرئيس بين المفاوضين الدوليين، قطر ومصر والولايات المتحدة، وصنّاع القرار في “حماس” بغزة. ولا توجد أدلة تقترح أن له علاقة بهجمات “حماس” أو التخطيط لها. ولكنه كان أهم شخصية بارزة لـ “حماس” في الخارج، وقتله هو جزء من عملية الانتقام لهجمات 7 أكتوبر.
ويتحرك نتنياهو الآن نحو إستراتيجية “توقف” في غزة وتخفيف عبء القوات من أجل المواجهة الكبرى التي يريد استفزازها مع “حزب الله”. ويرى الكاتب أن لدى إسرائيل حالة جيدة للحرب معه، فـ “حزب الله” يمثّل تهديدًا كبيرًا لإسرائيل، ولديه ترسانة صواريخ وقوة قتالية من 100,000 مقاتل. وعندما أراد قائد جيشه غزو لبنان، بعد 7 أكتوبر، تردّدَ نتنياهو. إلا أن تفكيره تغيّر على ما يبدو. وبحسب القواعد غير المكتوبة للقتال المنخفض الوتيرة بين إسرائيل و”حزب الله”، فقتل شكر لم يكن مبررًا بالصاروخ الذي ضل طريقه وسقط بملعب كرة قدم بقرية درزية، بل كان تصعيدًا مدروسًا من إسرائيل.
وربما لم يكن مقتل كل من هنية وشكر مخططًا لهما في نفس الـ24 ساعة، لكن المصادفة تعطي إيران الفرصة لكي تمرر غضبها من مقتل هنية وشكر ودفع “حزب الله”.
"حزب الله" والمواجهة مع إسرائيل
وتمر إيران بمرحلة انتقالية؛ رئيس جديد غير معروف، ومرشد أعلى للجمهورية في حالة صحية ليست جيدة.
ولم يقتل أي زعيم إيراني، ولهذا قد تفضل طهران قيام “حزب الله” بالمواجهة حتى تتجنّب المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
ولا يعرف كيف سيكون رد “حزب الله”، فهو حريص على حماية قوته العسكرية والسياسية، حيث يمر فيه لبنان بأزمة اقتصادية خانقة، ولا شهية لحرب يشعلها “حزب الله”. وفي نفس الوقت لو جر “حزب الله” القوات الإسرائيلية إلى الأراضي اللبنانية فإنه سيقاتل على أرضه. ذلك أن تاريخ الغزوات الإسرائيلية للبنان هو سلسلة من الفشل.
وربما أغرقت صواريخ “حزب الله” نظام القبة الحديدية الشهير، حيث ستعاني إسرائيل أيضًا.
وهذا يقود للحديث عن الأمريكيين، فإسرائيل تفترض أن لديها رخصة للتدخل في السياسة الأمريكية بطريقة لا يتجرأ أي حليف أمريكي بالمخاطرة بهذه الطريقة. إلا أن إسرائيل وفلسطين تعتبر عاملًا في السياسة الأمريكية، وهو ما لا ينطبق على دول مثل بريطانيا وفرنسا وكندا. فقد كان ترامب من أكثر رؤساء أمريكا عرضة للتلاعب به، وحصلت عليه إسرائيل، فقد اعترف بالضم غير الشرعي لمرتفعات الجولان، وهوما لم تفعله أي دولة. وخرج من الاتفاقية النووية مع إيران، وأعاد فرض العقوبات عليها، وشجعه على هذا عمليات الضغط التي مارسها نتنياهو على الكونجرس، والتجاهل المباشر لسلفه باراك أوباما.
وكتب الإسرائيليون مقترحات ترامب لحل القضية الفلسطينية، وتمت السخرية منها في الدول العربية لأنها منحازة لطرف واحد.
وبعد 15عامًا من الدم الفاسد مع الحزب الديمقراطي، يريد نتنياهو عودة ترامب إلى السلطة، وبخاصة أن البديل الديمقراطي كامالا هاريس ليس لديها التاريخ الطويل والتعاطف العميق مع إسرائيل كالذي بدا من جو بايدن.
ويعرف نتنياهو أن الولايات المتحدة ستسارع لدعم إسرائيل حالة تعرضت لهجوم من “حزب الله”. وهو ما سيشعل انقسامات داخل الحزب الديمقراطي، وبالتالي خسارة هاريس في الولايات المتأرجحة كميتشغان، التي يمثل فيها العرب نسبة 2% من مجموع السكان.
ومع أن هدف بايدن الرئيس منع حرب في لبنان، إلا أن هذا الهدف يتناقض مع ما يريده نتنياهو.