19/04/2009

عرض وتعليق : عمرالطيب

أقتلوا خالد , كتاب جديد لـ (بول ماكجوي)  تستعد دور النشر في أمريكا لطرح أحدث طبعاته فى الفترة القادمة تدور فصول الكتاب فى عام 1997 حينما تورط الموساد فى محاولة إغتيال فاشلة لرئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية حماس / خالد مشعل
الجريمة غير المكتملة أسفرت عن حدث مهم آثر كثيراً على الساحة الفلسطينية فيما بعد ، وربما أعاد صياغة تاريخها ..
عشت تفاصيل القصة عن  بعد وتابعتها عبر الميديا ،  لم أكن أعرف مشعل كثيراً لكنني كنت أتابع قضية موسى أبو مرزوق فى الولايات المتحدة ، وكتبت أولى مقالاتي عنه ، فى خضم ذلك عرفت مشعل شاباً هادئاً تتدلى الغترة الفلسطينية فوق رأسه ، لم تكن خطبه الرنانة قد عرفت طريقها للأضواء بعد ، فحماس قبل تلك الحادثة غير حماس بعدها .
أربعة صهاينة يحملون جنسية كندية إقتربوا كثيراً من مشعل فى العاصمة الأردنية عمان حينما كان يهم بدخول الأسانسير ونثروا غاز الاعصاب فوق رأسه .
كان يفترض أن يعود مشعل إلى منزله ويستلقي على سريره ويموت فى صمت .
لكن حارسه محمد أبو سيف أفشل المحاولة حينما انتبه لهم ، و طاردهم حتى ألقى القبض علي إثنين منهم .
بقى مشعل فى المستشفى بين الحياة والموت ، وأدار الملك الراحل حسين مفاوضات ليسمح الصهاينة بتسليم الأطباء الترياق  لتكتب لمشعل النجاه ، كما أفرج الملك عن المتهمين فى صفقة خرج بموجبها الشيخ أحمد ياسين من معتقله وعاد إلى قطاع غزة بعد رحلة علاجية قصيرة .
لم يكن خالد مشعل قد قضى وقتاً كثيراً فى رئاسة المكتب السياسي لحماس بعد إعتقال موسى أبو مرزوق فى الولايات المتحدة ، الصهاينة كانوا يرونه العقل المدبر لحماس وقاموا بمحاولة القتل النظيفة التي انتهت بالافراج عن ياسين ونجاة مشعل .
حسب رواية مؤلف الكتاب فإن الموساد أرسل فريقا مكون منأربعة أفراد متنكرين فى هيئة سياح موسرين إلى الأردن للتعرف على المعالم السياحية ، والأثرية بالمملكة ، وبعد أن وصل كل منهم على متن رحلة مختلفة لشركات طيران مختلفة ، ومن وجهات متعددة أقاموا كلهم في فندق إنتركونتيننتال ، وما أن أطمانوا إلى أن أحداً لا يراقبهم ، تم التنفيذ يوم الخميس 25 سبتمبر عام 1997 عند العاشرة صباحا.
 ولكنهم أن القتلة من قوات النخبة كان تنفيذهم في غاية السوء ، وتعرضوا للضربوالملاحقة ووقعوا في أيدي الأمن.
الملك حسين عاهل الأردن كان من أشد السياسيين حنكة ودهاءً وبمجرد أن علم بالحادثة تابع الموقف بنفسه ، فى البداية تم نفي الخبر الذي أعلنته حماس ولكن لم تمض ساعات حتى تم تأكيده عبر الاذاعة الأردنية .
اتصل نتنياهو بالملك الاردني واعتذر عن الامر .. ولكن الملك حسين رفض الاعتذار الا بعد احضار الترياق الخاص بغاز الاعصاب الذي حقن به مشعل كما تم الافراج عن الشيخ احمد ياسين .
الحكومة الكندية استنكرت قيام الموساد باستخدام جوازات سفر كنديه في الجريمة وضغطت علي الحكومة الصهيونية لتلبية طلبات حسين مقابل إغلاق القضيه ، وتسليم عملاء الموساد إلي اسرائيل ..
طاقم السفارة الكندية المكلف بمتابعة تلك القضية -كان يتألف من امرأة ورجل- عاد وأبلغ السفير الكندي في عمان وقتها بأن مواطنين كنديين -شون كندل 28 عاما ، ووباري بيدز 36 عاما- هما المسؤلين عن تنفيذ العملية وأنهما يتحدثان الإنجليزية بلهجة إسرائيلية قوية.
فوجئ السفير الكندي مايك مولوي وقتها بمكالمة هاتفية تطلب منه الحضورلمقابلة علي شكري مدير مكتب جلالة الملك الذي تحدث معهما لمدة ساعة ونصف الساعة حول الحادث. وأثناء حديث مدير مكتب جلالة الملك دخل المكتب رجل قصير القامة يرتدي كنزة سوداء برقبة وعليها جاكت منقط أبيض وأسود ولم يكن هذا الرجل سوى الملك حسين نفسه والذي بادرهما بسؤال خاطف عندما قال "هل أكلتم أيها الشباب؟"

أمر الملك بإعداد أكل عربي من الكباب والخبز الطازج والمزات الطازجة وجلس الجميع في شرفة مكتب الملك وبعد الطعام أشار الملك إلى علي شكري إشارة قام شكري على إثرها بإخراج جوازي سفر المقبوض عليهما وهما الجوازان الكنديان اللذان ترغب كندا في الحصول عليهما وأمر الملك بإعطائهما للسفير. وقال الملك -كما وصف مؤلف الكتاب- بتقزز "لقد طلب منا الإسرائيليون استبدال هذه الجوازات وإعطاءكم شيئاآخر".

جوازا السفر وصلا كندا تحت حراسة مشددةوحماية من المخابرات الكندية عبر مطاري عمان وباريس وصولا إلى أوتاوا وبعد الفحص الدقيق في مختبرات الأدلة الجنائية هناك توصلت السلطات الكندية إلى أن الجوازين تمتزويرهما بعناية فائقة بإضافة صور منفذي العملية مع بقاء نفس المعلومات الأساسية لحاملي الجوازات مما يعني أن إسرائيل تابعت سياستها في الإساءة للجوازات الكندية، وهي التي تعهدت بالتوقف عن ذلك.
 الكتاب يلفت الانتباه إلى قدرة مشعل على  البقاء حياً ونهوضه من بركة الموت ، ومواجهتة كل الصعاب منأجل تحقيق الهدف وملاحقة الصيد أو الطريدة ! كما ركز الضوء على قصة الفشل وهي جزء من التاريخ السري للموسادالاسرائيلي التي قدمت نفسها على أنها اقوى وكالة استخبارات عالمية ضمن إسطورة الدولة والجيش الذي لا يقهر رغم ذلك هدد داني ياتوم ، مسؤول الموساد في ذلك الوقت مصالح الكيان الصهيوني مع امريكا وكندا والاردن وهدد بإقتحام السفارة الصهيونية التي اختبأ بها بقية فريق الاغتيال الفاشل